... ٢-٤- قوله تعالى :﴿ووضعنا عنك وزرك * الذي أنقض ظهرك * ورفعنا لك ذكرك﴾ : ويمتن عليه بأنه قد حط عنه الإثم(١)

(١)... أشار السلف إلى ذلك، فقال : مجاهد من طريق ابن أبي نجيح :"ذنبك"، قال قتادة من طريق سعيد ومعمر :"كانت على النبي ﷺ ذنوب قد أثقلته، فغفرها الله له "، وكذا قال ابن زيد.
... وهذه مسألة تتعلق بالعصمة، وللناس فيها كلام كثير، وأغلب الكلام فيها عقلي لا يعتمد على النصوص، وهذا النص صريح في وقوع الرسول ﷺ في شيء من الذنوب التي قد غفرها الله له، ولكن لم يبين الله نوع هذه الذنوب، ولذا فلا تتعد ما أجمله الله في هذا النص، وقل به تسلم.
... ولا تفترض مصطلحاً للعصمة من عقلك تحمل عليه أفعال الرسول ﷺ فتدخل بذلك في التأويلات السمجة التي لا دليل عليها من الكتاب ولا السنة ؛ كما وقع من بعضهم في تأويل قوله تعالى :﴿ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر﴾ [الفتح : ٢]، قال :"ما تقدم : ذنب أبيك آدم، وما تأخر : ذنوب أمتك"، وانظر الشبه بين هذا القول وبين قول النصارى في الخطيئة، فالله يقول: ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك، وهذا يقول هو ذنب غيره ! والله المستعان.
... وأعلم أن في الرسول جانبين : جانب بشري، وجانب نبوي. أما الجانب البشري فهو فيه كالبشر: يحب ويكره، ويرضى ويغضب، ويأكل ويشرب، ويقوم وينام... إلخ، مع ما ميزه الله به في هذا الجانب في بعض الأشياء ؛ كسلامة الصدر، والقوة والنكاح، وعدم نوم القلب، وغيرها من الخصوصيات التي تتعلق بالجانب البشري.
... ومن هذا الجانب قد يقع من النبي بعض الأخطاء التي يعاتبه الله عليه، ولك أن تنظر في جملة المعاتبات الإلهية للنبي ﷺ ؛ كعتابه بشأن أسري بدر، وعتابه بشأن زواجه من زينب، وعتابه في بعد الله بن أم مكتوم، وغيرها، وقد نص الله على هذا الجانب في الرسل جميعهم صلوات الله وسلامه عليهم، ومن الآيات في ذلك :﴿ سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا﴾ [الإسراء : ٩٣]، ومن الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم: "إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضهم يكون=


الصفحة التالية
Icon