، ويتوقد شرر النار من شدة احتكاك أقدامها بالحصى(١)
وهي تجري، فتغير وتدخل أرض العدو في أول النهار(٢)

(١)... اختلف السلف في تفسير الموريات، على أقوال :
... الأول : الخيل توري النار بحوافرها، ورد ذلك عن عكرمة من طريق أبي رجاء، والكلبي من طريق معمر، وعطاء من طريق واصل، والضحاك من طريق عبيد.
... وورد عن قتادة من طريق معمر وسعيد تفسير الإيراء من الخيل بأنهن يهيجن الحرب بينهم وبين عدوهم.
... الثاني : المقاتلون الذين يرون النار بعد انصرافهم من الحرب، ورد ذلك عن ابن عباس من طريق سعيد بن جبير.
... الرابع : الألسنة، ورد ذلك عن عكرمة من طريق سماك بن حرب.
... الخامس : الإبل تنسف بمناسفها الحصى، ورد ذلك عن ابن مسعود من طريق إبراهيم النخعي، وهو مقتضى تفسير علي......................... =
(٢)... قال الطبري :"وأولى الأقوال ف ذلك بالصواب، أن يقال : إن الله تعالى ذكر أقسم بالموريات، التي تروي النيران قدحاً، فالخيل تروي بحوافرها والناس يرونها بالزند، واللسان – مثلاً – يوري بالمنطق، والرجال يورون بالمكر – مثلاً -، وكذلك الخيل تهيج الحرب بين أهلها إذا التقت في الحرب، ولم يضع الله دلالة على أن المراد من ذلك بعض دون بعض، فكل ما أورت النار قدحاً، فداخلة فيما أقسم به، لعموم ذلك بالظاهر".
... وهذا الحمل على العموم فيه نظر، لوجود الدلالة على أن المراد بالموريات عين المراد بالعاديات؛ للعطف بالفاء يدل على تفريع ما بعدها عن الذي قبلها، وتسببه عنه، وإذا كان ذلك كذلك، فإن الصحيح أن هذه الأوصاف في الخيل، وإن كانت المذكورات يشملها وصف الموريات – كما ذكر الطبري – فإنه ألصق بالخيل من الإبل وغيرها، ذلك أن الضبح في الخيل أشهر، وإيراء النار بحوافرها أوضح، والله أعلم.
... ويلاحظ أن هذه الأقوال – غير القول بأنها الخيل أو الإبل – كأنها أخرجت اللفظ عن سياقه، إذ يوجد في تفسير السلف من هذه الشاكلة أمثلة، ويظهر أنها تدخل في باب التفسير على القياس، أو حمل اللفظ على عمومه دون النظر إلى سياق الوارد فيه !
... قال ابن القيم عن هذه الأقوال :"وهذه الأقوال، إن أريد أ، اللفظ دل عليها، وأنها هي المراد فغلط، وإن أريد أنها أخذت من باب الإشارة والقياس، فأمرها قريب.
... وتفسير الناس يدور على ثلاث أصول : تفسير على اللفظ، وهو الذي ينحو إليه المتأخرون، وتفسير على المعنى وهو الذي يذكره السلف، وتفسير على الإشارة والقياس، وهو الذي ينحو إليه كثير من الصوفية وغيرهم، وهذا لا بأس به بأربعة شرائط :
ألا يناقض معنى الآية.
وأن يكون معنى صحيحاً في نفسه.
وأن يكون في الفظ إشعار به.
وأن يكون بينه وبين معنى الآية ارتباط وتلازم. فإذا اجتمعت هذه اأمور الأربعة كان استنباطاً حسناً ". (التبيان في أقسام القرآن : ٥١، ونقله بطولة للفائدة".
( )... ورد ذلك عن ابن عباس من طريق سعيد بن جبير، وعكرمة من طريق أبي رجاء، ومجاهد من طريق ابن أبي نجيح، وقتادة من طريق معمر وسعيد، وفي عبارته من طريق سعيد ما يشعر بأنه أراد القوم المغيرون، قال : أغار القوم بعد ما أصبحوا على عدوهم.
... وورد عن ابن مسعود من طريق إبراهيم أنها الإبل حين تدفع من مزدلفة إلى منى، وهو مقتضى قول علي بن أبي طالب.


الصفحة التالية
Icon