... ١-٣- قوله تعالى :﴿ويل لكل همزة لمزة * الذي جمع مالا وعدده * يحسب أن ماله أخلده﴾ : يتوعد ربنا كل من كان خلقه أنه يغتاب الناس ويطعن فيهم(١)، الذي من صفته أنه حريص على جمع المال والإكثار من عده وحسابه، ولشدة ولعه بن، يظن أن ماله سيبقيه في هذه الدنيا.

(١)... اختلف السلف في تفسير هذين الوصفين، فورد أن الهمزة : المغتاب، واللمزة : الطعان، ورد ذلك عن مجاهد من طريق ابن أبي نجيح، وقتادة من طريق سعيد، وورد عن مجاهد من الطريق نفسها عكس ذلك التأويل، وهو كذلك قول ابن عباس من طريق سعيد بن جبير.
... وورد أن الهمزة : الذي يهمزه في وجهه، واللمزة : الذي يهمزه من خلفه، ورد ذلك عن أبي العالية من طريق الربيع بن أنس.
... وورد أن الهمزة : باليد، واللمزة : باللسان، عن مجاهد من طريق ابن أبي نجيح.
... وقال ابن زيد :"الهمزة : الذي يهمز الناس ويضربهم بيده، واللمزة : الذي يلمزهم بلسانه ويعيبهم".
... والهمزة : هو عيب الناس بالإشارة، سواء أكانت باليد، أم بغيرها، وسواء أكان بحضرة المهموز، أم بغيبته، واللمز : الطعن على الناس ؛ كقوله تعالى :﴿الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات﴾ [التوبة : ٧٩] ؛ أي : يعيبون عليهم صدقتهم، والله أعلم.
... وقد حُكي أنها نزلت في شخص من الكفار، فقيل : نزلت في جميل بن عامر الجمحي، وقيل : في الأخنس بن شريق، وهذا إن كان هو السبب المباشر، فإن الآية تعم من كان بهذا الوصف نظراً لعموم اللفظ، وإن كان المراد أنهم يدخلون في حكم الآية، فذكرهم على سبيل المثال لهامز لامز، لا أنهما سبب النزول مباشرة، قال الطبري :"والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن الله عم بالقول كل همزة لمزة، كل من كان بالصفة التي وصف هذا الموصوف بها، سبيله سبيله، كائناً من كان من الناس". والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon