... ٣-٤- قوله تعالى :﴿فليعبدوا رب هذا البيت * الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف﴾ ؛ أي : ليعبدوا رب المسجد الحرام الذي سد جوعهم بالإطعام، وأمنهم من الخوف، فلا يعتدي عليهم أحد، ولا يقع عليهم من المرض ما يذهب بهم، ولا غيرها من الخوفات(١)، والمعنى إن لم يعبدوه على نعمه، فليعبدوه على هذه النعمة، التي هي إيلافهم، وذكر البيت لأنهم إنما أمنوا بسبب جوارهم له. والله أعلم.
سورة الماعون
آياتها : ٧
سورة الماعون

بسم الله الرحمن الرحيم

(١)... ورد عن ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة ربط هذه الآية بدعوة إبراهيم عليه السلام، حيث قال :﴿رب أجعل هذا البلد آمنا﴾ [إبراهيم : ٣٥]، وقال :﴿وأرزق أهله من الثمرات﴾ [البقرة: ١٢٦]، وفسرها ابن زيد بقوله تعالى :﴿أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء﴾ [القصص : ٥٧].
... وقد ورد تفسير الخوف على أن معناه : آمنهم من العدو والغارات والحروب التي كانت العرب تخاف منها. ورد عن مجاهد من طري ابن أبي نجيح، وقتادة من طريق سعيد ومعمر، وابن زيد.
... وقد ورد في تفسيره أنه الجذام، ورد ذلك عن ابن عباس من طريق سعيد بن جبير، وسفيان الثوري من طريق مهران، والضحاك بن مزاحم، وفي سنده غرابة ؛ لأنه سند ابن أبي نجيح عن مجاهد، ويظهر أن الناسخ لتفسير ابن جرير وقع في سبق عين، والله أعلم.
... وهذا التفسير – فيما يبدو – مثال لما كانوا يخافونه، لا أنه هو المعنى دون غيره مما يشمله الخوف، قال الطبري :"والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن الله تعالى ذكره أخبر أنه آمنهم من خوف، والعدو مخوف منه، والجذام مخوف منه، ولم يخصص الله الخبر عن أنه آمنهم من العدو دون الجذام، ولا من الجذام دون العدو، بل عم الخبر بذلك، فالصواب أن يعم كما عم جل ثناؤه، فيقال : آمنهم من المعنيين كليهما".


الصفحة التالية
Icon