قوله تعالى: ( ِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ ) [الكوثر: ١- ٣].
أولاً- التفسيرُ:
يخبر ربنا تبارك وتعالى نبيَّه ﷺ عن ذلك النهر العظيم في الجنة الذي اسمه الكوثر، وهو جزء من الخير الكثير الذي أعطاه إيَّاه.
ثم أمره الله بأن يؤدي شكر هذه النعمة بأن تكون الصلاة والذبح له سبحانه لا كما يفعل المشركون الذين يذبحون للأصنام.
ثم أخبره أنَّ مبغضه هو المنقطع عن كل خير، بخلافك أنت فيما أعطاك الله من الخير.
وجوه التفسير في السورة:
ليُعلم أن المراد هنا ذكرُ وجوه التفسير الذي وردت في هذه الكتب، وليس المراد تصحيح هذه الوجوه أو تضعيفها، لأن المقام مقام بيان كونها تفسيرًا فحسب، وإليك ألفاظ الآية وما ورد فيها من وجوه.
الكوثر:
الوجه الأول: الكوثر: الشيء الكثيرُ، ويكون المعنى: إن وهبناك شيئًا كثيرًا، وهذا يشملُ كلَّ خيرٍ أعطاه الله لنبيِّه ﷺ من خير الدُّنيا والآخرةِ، من النبوة، والقرآن، وكثرةِ الأتبَاعِ، والشفاعة، والحوضِ، وغيرها.
الوجه الثاني: الكوثرُ: النهر الذي أُعطيَه في الجَنَّةِ، ويكونُ المعنى: إنَّا وهبناك نهر الكوثرِ الذي في الجَنَّةِ.
وفي الكوثرِ غيرُ هذه الأقوالِ، قال أبو حيَّان معلِّقًا عليها: وينبغي حمل هذه الأقوال على التَّمثيلِ)) (١).
الصلاة والنَّحرُ:
الوجه الأول: الصلاة والنَّحرُ على عمومِهما، فيشملُ كلَّ صلاةٍ وكلَّ نحرٍ، ويكونُ المعنى اجعل صلاتك كلَّها، وذبائحكَ كلها لله ربِّكَ....
الوجه الثاني: صلِّ يوم النَّحرِ صلاة العيدِ لأجلِ ربَّك، واذبح أضحيتك بعدها.
الوجه الثالث: اجعل صلاتك لله ربِّك، واجعل يديك على صدركَ، قريبًا من نحركَ.
الوجه الرابع: اجعل صلاتك لله ربِّك، وارفع يديك عند الافتتاح للصلاة إلى نحرك.