، جزاء ما كانت تصنع في الدنيا برسول الله ﷺ، والله أعلم.
سورة الإخلاص
آياتها : ٤
سورة الإخلاص

بسم الله الرحمن الرحيم

قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفواً أحد.
سورة الإخلاص
... ذكر أن الكفار قالوا : يا محمد انسب لنا ربك، فنزلت هذه السورة(١).
... ومن فضل هذه السورة : أنها تعدل ثلث القرآن، وأنها تقرأ في صلاة الوتر، وسنة الفجر، وسنة الطواف، وفي أذكار الصباح والمساء، وأذكار دبر الصلوات.
... ١- قوله تعالى :﴿قل هو الله أحد﴾ ؛ أي : قل يا محمد : ربي هو الله لاذ له العبادة، لا تنبغي إلا له، ولا تصلح لغيره، المتصف بالأحدية دون سواه، لا مثيل له، ولا ند، ولا صحابة ولا ولد(٢).
... ٢- قوله تعالى :﴿الله الصمد﴾ ؛ أي : الله الموصوف بالأحدية، هو السيد الذي قد انتهى في سؤوده، والغنى الذي قد كمل في غناه فلا يحتاج ما يحتاجه خلقه من الصاحبة والولد، ولا من المأكل والمشرب، ولا من غيرها، فهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد، وهو الله هذه صفته، لا تنبغي إلا له(٣)
(١)... ورد ذلك عن أبي بن كعب من طريق أبي العالية، وعكرمة من طريق يزيد، وأبي عالية من طريق الربيع بن أنس، وجابر من طريق الشعبي، وورد عن سعيد بن جبير وقتادة أن السائل هم اليهود، والله أعلم.
(٢)... لا يطلق لفظ "أحد" منكراً وعلى الإثبات إلا على الله سبحانه، أما إذا دخله نفي أو استفهام أو شرط أطلق على غيره ؛ كقوله تعالى :﴿ولم يكن له كفواً أحد﴾ [الصمد : ٤]، وقوله :﴿هل تحس منهم من أحد﴾ [مريم : ٩٨]، وقوله ﴿وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله﴾ [التوبة : ٦]، وهو أخص من اسمه "الواحد" الذي يرد في الإثبات وغيره، ويرد منكراً ومعرفاً.
(٣)... اختلف عبارة السلف في تفسير الصمد على الأقوال :
... الأولى : الذي لا جوف له، ورد ذلك عن بريدة الأسلمي من طريق ابنه عبد الله، وابن عباس من طريق عطية العوفي من غير طريقه لمشهور، ومجاهد من طريق منصور وابن أبي نجيح، والحسن من طريق الربيع بن مسلم، وسعيد بن جبير من طريق إبراهيم بن ميسرة، والشعبي من طريق إسماعيل بن أبي خالد، والضحاك من طريق سلمة بن نبيط وعبيد المكتب، وسعيد بن المسيب من طريق المستقيم بن عبد الملك، وعكرمة من طريق معمر.
... الثاني : الذي لا يخرج منه شيء، ورد ذلك عن عكرمة من طريق أبي رجاء محمد بن يوسف.
... الثالث : الذي لم يلد ولم يولد، ورد ذلك عن أبي العالية من طريق الربيع بن أنس.
... الرابع : السيد الذي قد انتهى في سؤدده، ورد ذلك عن أبي وائل شقيق من طريق الأعمش، وابن عباس من طريق علي بن أب طلحة.
... والخامس : الباقي الذي لا يفني، ورد ذلك عن الحسن وقتادة من طريق سعيد، وقتادة من طريق معمر : الدائم.
... وهذا الاختلاف من اختلاف التنوع الذي يكون في العبارة لا المعنى ؛ لأن هذه الأقوال ترجع إلى معنى واحد، وهو غنى الله عن ما يحتاجه خلقه، لكمال سؤدده.
... ولا يهولنك إنكار بعض الخلف لبعض هذه المعاني الواردة عن السلف، وزعمهم ان هذه الأقوال لا تساعد عليها اللغة، وهذا قول من لم يفهم تفسير السلف، ولا استفاد منه من ثبوت معاني ألفاظ اللفغة من تفسيراتهم، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon