... ٢-٥- قوله تعالى :﴿من شر ما خلق * ومن شر غاسق إذا وقب * ومن شر النفاثات في العقد * ومن شر حاسد إذا حسد﴾ ؛ أي : أستجير برب الصبح من شر كل خلقه الذين خلقهم، من جن وإنس وهوام ودواب وغيرها، ثم خص بعض ما خلقه لزيادة ما فيها من شر، فطلب منه أن يستجير به من شر الليل إذا ظهر قمره، فدخل في الظلام(١)

(١)... ورد تفسير الغاسق بالليل عن ابن عباس من طريق العوفي وعلي بن أبي طلحة، والحسن من طريق عوف ومعمر بن أبي عروبة، ومجاهد من طريق ابن أبي نجيح، وقتادة من طريق سعيد.
... وقد ورد غير ذلك، وهي :
... الغاسق، كوكب، ورد عن أبي هريرة، وقال ابن زيد :"كانت العرب تقول : الغاسق : سقوط الثريا، وكانت الاسقام والطواعين تكثر عند وقوعها، وترتفع عند طلوعها".
... وروي في ذلك حديث :"النجم : الغاسق"، قال ابن كثير :"وهذا الحديث لا يصح رفعه إلى النبي ﷺ ".
... وورد عن النبي ﷺ حديث آخر، وهو ما روته عائشة، قالت : أخذ رسول الله ﷺ بيدي، فأراني القمر حين طلع، وقال :"استعيذي من شر هذا الغاسق إذا وقب" ؛ أي : دخل.
... وهذا التفسير لا ينافي تفسير جمهور السلف في أنه الليل، قال ابن القيم :"هذا التفسير حق – يعني : تفسيره في الحديث بالقمر -، ولا يناقض التفسير الأول، بل يوافقه، ويشهد لصحته، فإن الله تعالى قال :﴿وجعلنا الليل والنهار آياتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة﴾ [الإسراء : ١٢]، فالقمر آية الليل، وسلطانه فيه، فهو أيضاً غاسق إذا وقب، والنبي ﷺ أخبر عن القمر بأنه غاسق إذا وقب، وهذا خبر صدق، وهو أصدق الخبر، ولم ينفق عن الليل اسم الغاسق إذا وقب، وتخصيص النبي ﷺ لا ينفي شمول الاسم لغيره. (انظر : بدائع التفسير : ٥ : ٣٩٨، وله تتمة مهمة).


الصفحة التالية
Icon