وعن أبي العالية (ت: ٩٣) في قوله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) [المائدة: ١٠٥]، قال: ((كانوا عند ابن مسعود جلوسًا، فكان بين رجلين ما يكونُ بين النَّاسِ، حتَّى قامَ كلُّ واحدٍ منهما إلى صاحِبه، فقال رجلٌ من جُلساءِ عبداللهِ: ألا أقومُ فآمرُهما بالمعروفِ وأنهاهما عن المنكرِ؟.
فقال رجلٌ آخرُ إلى جنبهِ: عليك بنفسك، فإنَّ الله يقولُ: ( عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ) [المائدة: ١٠٥].
قال: فَسَمِعَهُمَا ابنُ مسعودٍ، فقال: مَهْ، لمَّا يجيء تأويلُ هذه بعدُ. إنَّ القرآنَ أُنزِلَ حيثُ أنْزِلَ، ومنه آيٌ قد مضى تأويلهُنَّ قبل أن ينْزلن، ومنه آيٌ وقع تأويلُهَنَّ على عهدِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومنه آيٌ وقع تأويلُهُنَّ بعد النَّبيِّ ﷺ بيسيرٍ، ومنه آيٌ يقع تأويلُهنَّ بعد اليوم، ومنه آيٌ يقع تأويلُهُنَّ عند السَّاعةِ على ما ذُكرَ من السَّاعةِ، ومنه آيٌ يقع تأويلُهُنَّ يوم الحسابِ على ما ذُكرَ من الحسابِ والجنَّةِ والنَّارِ.
فما دامت قلوبكم واحدةٌ، وأهواؤكم واحدةٌ، لمْ تُلبسُوا شِيَعًا، ولمْ يُذَقْ بعضُكم بأسَ بعضٍ، فأمروا وانهوا. فإذا اختلفت القلوبُ والأهواءُ، وأُلبِستم شِيَعًا، وذاقَ بعضُكم بأس بعضٍ، فامرؤٌ ونفسُه، فعند ذلك جاء تأويلُ هذه الآيةِ)) (١).
المصطلحُ المتأخِّرُ في مفهومِ التَّأويل: