لقد عَلَّلَ محمد حسين الذهبي (ت: ١٣٩٧) لسبب إدخال تفسير التَّابعين في المأثور، فقال: ((وإنما أدرجنا في التفسير بالمأثور ما رُوي عن التابعين – وإن كان فيه خلاف: هل هو من قبيل المأثور أو من قبيل الرَّأي؟(١) – لأننا وجدنا كتب التفسير المأثور – كتفسير ابن جرير وغيره – لم تقتصر على ما ذكر مما روي عن النبي ﷺ وما روي عن الصحابة، بل ضمَّنت ذلك ما نقل عن التابعين في التفسير)) (٢).
وإذا تأمَّلت هذه العِلَّة التي ذكرها، وجدتها أنها تندرج على مفسِّري أتباع التابعين، كابن جُريج (ت: ١٥٠)، وسفيان الثوري (ت: ١٦١) وابن زيد (ت: ١٨٢) وغيرهم ممن ترى تفسيراتهم منثورةً في كتب التفسير التي تُعنى بنقل أقوال مفسري السلف – كتفسير الطبري (ت: ٣١٠) وابن أبي حاتم (ت: ٣٢٧) وغيرهما – بل قد لا يوجدُ في مقطع من مقاطع الآية إلا تفسيرُهم، فَلِمَ لمْ يعُدَّها من التفسيرِ بالمأثورِ؟!.
إن بيان أصل الخلطِ في هذا المصطلحِ يدلُّ على عدمِ تحريره وصحَّته، فقد كان أصل النقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية (ت: ٧٢٨) في حديثه عن أحسن طرق التفسير، وهي تفسير القرآن بالقرآن، ثم بالسنة، ثم بأقوال الصحابة، ثم بأقوال التابعين(٣).

(١) يظهر أنَّه نقله من الزرقاني، فقد قال في مناهل العرفان (١٣: ٢): ((وأمَّا ما ينقل عن التابعين ففيه خلافٌ بين العلماءِ: منهم من اعتبره من المأثورِ، لأنهم تلقَّوه من الصحابة غالبًا، ومنهم من قال: إنه من التفسير بالرأي)).
(٢) التفسير والمفسرون (١٥٢: ١).
(٣) ينظر: مقدمة في أصول التفسير، لابن تيمية، تحقيق: عدنان زرزور (ص: ٩٣- ١٠٢).


الصفحة التالية
Icon