هذه الاستنباطاتُ – ويلحقُ بها الفوائد التَّفسيريَّة وغيرها مما يُرْبطُ بنصِّ الآيةِ – من القولِ بالرَّأي، فإن كان الاستنباط عن علمٍ، فهو من الرأي المحمود الذي دلَّت النصوص على جوازه.
وإن كان الاستنباط عن جهل، أو دخل فيه الهوى فحصل فيه تحريفٌ، فإنَّه من الرَّأي المذمومِ، وهذا النوع من الرَّأي حرامٌ، وهو داخل تحت قولِه تعالى: ( وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) [الأعراف: ٣٣]، وغيرها من النُّصوصِ الواردةِ في ذمِّ الرَّأي الذي لا دليلَ عليه، والله أعلمُ.
القانون الكليِّ لصحة الاستنباط من عدمه:
أنت في صياغة هذا القانون أمام ثلاثةِ أمور: نصٌّ مفسَّرٌ، إمَّا تفسيرًا صحيحًأ، وإمَّا تفسيرًا خطأً، ونصٌّ ظاهرٌ، ومعلومة مرتبطة بأحدهما.
وربطُ أيِّ معلومةٍ من المعلوماتِ، والزَّعمُ أنَّ القرآنَ دلَّ عليها لا يخلو من أحوالٍ:
الحالُ الأولى: أن تكون المعلومةُ بذاتها فاسدةً باطلةً، تخالفُ ما جاءت به الشريعةُ، وحكم هذه المعلومة واضحٌ، فهي باطلةٌ بذاتِها، وربطُها بآياتِ القرآنِ خطاٌ بلا إشكالٍ.
وقد يكون ربطها بنصٍّ ظاهرٍ، أو بتفسير صحيحٍ، أو بتفسيرٍ غيرِ صحيحٍ.
الحال الثانيةُ: أن تكونَ المعلومةُ بذاتِها صحيحةً، ولا تخالفُ الشريعةَ، بل هي مما دلَّت عليه الشريعة، وهذه على قسمين:
الأول: أن يكونَ ربطُها بالآيةِ صحيحًا، أي أن الآية دلت عليها دلالة واضحةً لا يخالِفُ فيها مخالفٌ.
وقد يكون الربطُ هنا بنصٍّ ظاهرٍ، أو بتفسيرٍ صحيحٍ.
الثاني: أن تكون المعلومةُ صحيحةً بذاتِها، لكنَّ ربطها بالآيةِ خطأٌ، لأنَّ الآية لا تدلُّ عليها بحالٍ.
فالمعلومةُ لو حُكيت بدون ربطها بالآيةِ لكانت صحيحةً لا يخَالَفُ في صحتها، لكن الذي يخالَفُ فيه هو كون الآيةِ دلَّت عليها.
وقد يكون الربطُّ هنا بنصًّ ظاهرٍ، أو بتفسيرٍ صحيحٍ.
أمثلة للاستنباطات من النص الظاهر، ومن النصِّ الذي يحتاج إلى تفسير:


الصفحة التالية
Icon