ومن الفوائدِ المستنبطةِ بإعمالِ مفهومِ المخالفةِ، استنباط الشَّافِعِيُّ (ت: ٢٠٤) وقوع الرؤية من قوله تعالى: ( كَلا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ ) [المطففين: ١٥]، قال: ((فَلَمَّا أن حَجَبَوا هؤلاء في السُّخْطِ، كان في هذا دَليلٌ على أنَّهم يرونه في الرِّضا)) (١).
ولا تخلو بعض الاستنباطاتِ من البعدِ والغرابةِ في الاستنباطِ، وكم من اجتهادٍ في الاستنباطِ لم يُوفَّقْ؟.
وقد مرَّ لذلك أمثلةٌ، ومما وردَ كذلك:
قال ابن عطية (ت: ٥٤٢) في قوله تعالى: ( وَلَوْلا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فَضَّةٍ ) [الزخرف: ٣٣]: ((قال المهدوي: ودلَّتْ هذه الآيةُ على أنَّ السَّقفَ لربِّ البيتِ الأسفلِ، إذ هو منسوبٌ إلى البيوتِ.
قال القاضي أبو محمد: وهذا تَفَقُّهٌ واهنٌ)) (٢).
مسألةٌ في التَّفسيرِ الإرشادي(٣) وفوائدِ الآياتِ:
التَّفسيرُ الإرشاديُّ يُمَثِّلُ جانبًا مشكلاً في علمِ التَّفسيرِ، وهو في حقيقتهِ خارجٌ عن حدِّ التَّفسيرِ، لأنَّه يأتي بعدَ بيانِ الآيةِ أو بعد معرفةِ ظاهرِها.
وتعودُ كثيرٌ من التَّفاسيرِ الإرشاديَّةِ وتفاسيرِ الوُّعاظِ وما يذكرُه بعض المعاصرينَ من فوائِد الآياتِ = إلى الاستنباطِ، ومن ثّمَّ، فإنَّ حُكْمَها حُكْمُ ما سبقَ من الاستنباطات، وإنَّما أفردتها هنا لحاجتها لبيانٍ خاصٍّ، فأقولُ:
هذه الفوائدُ والإرشاداتُ على قسمين:

(١) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، للالكائي، تحقيق: الدكتور أحمد سعد الحمدان (٣: ٥٠٦)، وينظر منه: (٣: ٤٦٧- ٤٦٩).
(٢) المحرر الوجيز، ط: قطر (١٣: ٢١٩- ٢٢٠).
(٣) هذه النسبة التي صارت مصطلحًا مما يحتاج إلى تحرير، وقد ذكرتها هنا لشهرتها، لكن حقيقتها أنها من باب الاستنباط.


الصفحة التالية
Icon