القسمُ الأوَّلُ: أن تكونَ هذه الفوائد والإرشادات صحيحة بذاتِها، لا تخالفُ أمرًا من أمورِ الشَّريعةِ، وهي على قسمين من حيثُ ربطها بالآيةِ:
أوَّلاً: أن يكونَ الرَّبطُ صحيحًا، أي: أن يكونَ بين الفائدة المذكورةِ والآية ارتباطٌ بوجهٍ ما.
ثانيًا: أن يكونَ الرَّبطُ بالآيةِ غيرُ صحيحٍ، فالكلامُ باستقلاله صحيحٌ، ولكن ربطه بالآيةِ خطأٌ، لأنَّ الآيةَ لا تدلُّ عليه.
القسمُ الثَّاني: أن تكونَ هذه الفوائد والإشارات غيرَ صحيحةً بذاتِها، لأنَّها تحملُ خطأً ما، وفي هذه الحالُ فإنَّ ربطَها بالآيِ خطأٌ قطعًا.
وبعد هذا الملخَّصِ في علاقةِ الإشاراتِ والفوائدِ بالنَّصِّ، أذكر لك ملخَّصًا لكلامِ ثلاثةٍ من الأئمَّةِ الأعلامِ في التَّفسيرِ الإشاريِّ لأهميَّةِ ما أوردُوه، ولِتَجِدَهُ مجموعًا بين يديك.
أولاً ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية (ت: ٧٢٨):
أنَّ التفسيرَ المعتمدَ على الإشاراتِ المنسوبَ إلى بعضِ الأعلامِ، كجعفر الصَّادق (ت: ١٤٨) وغيره، بعضها كلامٌ حسنٌ، وبعضُها باطلٌ مردودٌ، وبعضُها مكذوبٌ مفترى على قائله.
هذه الإشاراتُ هي من بابِ الاعتبارِ والقياسِ، وإلحاقِ ما ليس بمنصوصٍ بالمنصوصِ، مثلُ الاعتبارِ والقياسِ الذي يستعمله الفقهاء في الأحكامِ.
إذا كانت هذه الإشارات من جنس القياسِ الصَّحيحِ، كانت حسنة مقبولةً، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلب)). فإذا قيس على تطهير القلب عن الأخلاق الخبيثة كان هذا من جنس إشارات الصوفيةى وقياس الفقهاء.
وإذا كانت من جنس القياسِ الضَّعيفِ، كان لها حكمُه، كما ذكر من أنَّ موسى أُمِرَ مع خلعه للنَّعلين(١) بخلع الدنيا والآخرة.

(١) يشير إلى قوله تعالى: ( إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ) [طه: ١٢].


الصفحة التالية
Icon