وإذا كانت تحريفًا للكلامِ على غيرِ تأويلِه، كانت باطلاً، وهي من جنس كلام القرامطةِ والباطنيَّةِ والجهميَّةِ، كقول من قال: إنَّ ما ينْزلُ على قلوب أهل المعرفة من جنس خطاب تكليم موسى وتكليمه بهذا باطل باتفاق سلف الأمة وأئمتها(١).
ثانيًا: ما ذكره ابن القيم (ت: ٧٥١) والشاطبي: (ت: ٧٩٠):
لقد ذكر هذان العلمان ضوابط في قبول هذه الإشارات، وهذا نصُّ قولَيهما:
قال ابنُ القيِّمِ (ت: ٧٥١): ((وتفسير النَّاسِ يدورُ على ثلاثةِ أصولٍ:
تفسيرٌ على اللَّفظِ، وهو الذي ينحو إليه المتأخِّرون.
وتفسيرٌ على المعنى، وهو الذي يذكره السَّلفُ.
وتفسيرٌ على الإشارةِ والقياسِ، وهو الذي ينحو إليه كثيرٌ منَ الصُّوفيَّةِ وغيرهم.
وهذا لا بأسَ به بأربعةِ شرائط:
أن لا يناقضَ معنى الآية.
وأن يكون معنًى صحيحًا في نفسِهِ.
وأن يكون في اللَّفظِ إشعارٌ به.
وأن يكون بينه وبين معنى الآيةِ ارتباطٌ وتلازمٌ، فإذا اجتمعت هذه الأمورُ الأربعةُ كان استنباطًا حسنًا)) (٢).
وقال الشَّاطبيُّ (ت: ٧٩١): ((... وكَونُ الباطنِ هو المرادُ من الخطابِ قد ظَهَرَ أيضًا مما تقدَّم في المسألةِ قبلَها، ولكن يُشترطُ فيه شرطان:
أحدهما: أن يَصِحَّ على مقتضى الظَّاهرِ المقرَّرِ في لسان العربِ، ويجري على المقاصدِ العربيَّةِ.
والثاني: أن يكونَ له شاهدٌ – نصًّا أو ظاهرًا – في محلٍّ آخر يشهدُ لصحَّتِه من غير معارضٍ)) (٣).

(١) ينظر في هذه النقاط الثلاث: كتب شيخ الإسلام ابن تيمية: دقائق التفسير (٢: ٤٧١)، وبغية المرتاد (١: ٢١٥- ٢١٦)، (١: ٣١٣- ٣١٤)، ومجموع الفتاوى (٢: ٢٨).
(٢) التبيان في أقسام القرآن، لابن القيم، تصحيح: طه يوسف شاهين (ص: ٥١).
(٣) الموافقات، للشاطبي، تحقيق: محيي الدين عبدالحميد (٣: ٢٦٨).


الصفحة التالية
Icon