فلأمر خارجيّ لا من مقتضيات لن ولا تقتضي تأكيد النفي أيضاً خلافاً للزمخشريّ في كشافه بل قولك: لن أقوم، محتمل لأن تريد به أنك لا تقوم أبداً وأنك لا تقوم في بعض الأزمنة المستقبلة وهو موافق لقولك: لا أقوم، في عدم إفادة التأكيد وقوله تعالى: ﴿ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني﴾ استدراك يريد أن يبين به أنه لا يطيق الرؤية وفي تعليق الرؤية بالاستقرار أيضاً دليل على جوازها لأنّ استقرار الجبل عند التجلي ممكن بأن يجعل الله تعالى له قوّة على ذلك والمعلق على الممكن ممكن وتراني في الحرفين الياء ثابتة وقفاً ووصلاً، وقرأ أبو عمرو وعاصم وحمزة بكسر النون والباقون بالضم، قال وهب بن منبه ومحمد بن إسحاق: لما سأل موسى ربه الرؤية أرسل الله الضباب والصواعق والرعد والبرق حتى أحاطت بالجبل الذي عليه موسى أربعة فراسخ من كل جانب وأمر الله تعالى ملائكة السموات أن يعرضوا على موسى عليه السلام فمرّت به ملائكة السماء الدنيا كثيران البقر تنبع أفواههم بالتسبيح والتقديس بأصوات عظيمة كصوت الرعد الشديد ثم مرّت به ملائكة السماء الثانية كأمثال الأسود لهم لجب بالتسبيح والتقديس ففزع مما رأى وسمع واقشعرّت كل شعرة في جسده ورأسه ثم قال: لقد ندمت على مسألتي فهل ينجيني من مكاني الذي أنا فيه شيء؟ فقال له رئيس الملائكة: يا موسى اصبر لما سألت فقليل من كثير ما رأيت ثم مرّت به ملائكة السماء الثالثة كأمثال النسور لهم قصف ورجف ولجب شديد وأفواههم تنبع بالتسبيح والتقديس كلجب الجيش العظيم ألوانهم كلهب النار ففزع موسى عليه السلام واشتدّ فزعه وأيس من الحياة فقال له رأس الملائكة: مكانك يا ابن عمران حتى ترى ما لا صبر لك عليه ثم مرّت به ملائكة السماء الرابعة لا يشبههم شيء من الذين مرّوا به ألوانهم كلهب النار وسائر خلقهم كالثلج الأبيض أصواتهم عالية بالتسبيح والتقديس لا يقاربهم شيء من الذين مرّوا به قبلهم فاصطكت ركبتاه وأرعب


الصفحة التالية
Icon