(١٥/٤١٣)
---
قلبه واشتد بكاؤه فقال له رأس الملائكة: يا ابن عمران اصبر لما سألت فقليل من كثير ما رأيت ثم مرّت به ملائكة السماء الخامسة لهم سبعة ألوان فلم يستطع موسى أن يتبعهم بصره لم ير مثلهم ولم يسمع مثل أصواتهم فامتلأ جوفه خوفاً واشتدّ حزنه وكثر بكاؤه فقال له رأس الملائكة: يا ابن عمران مكانك حتى ترى بعض ما لا تصبر عليه ثم مرّت به ملائكة السماء السادسة وفي يد كل واحد منهم مثل النخلة الطويلة نور أشدّ ضوأً من الشمس ولباسهم كلهب النار إذا سبحوا وقدّسوا جاوبهم من كان قبلهم من ملائكة السموات كلهم يقولون بشدّة أصواتهم: سبوح قدّوس ربّ العزة أبداً لا يموت في رأس كل ملك منهم أربعة أوجه فلما رآهم موسى رفع صوته يسبح معهم وهو يبكي ويقول: يا رب اذكرني ولا تنس عبدك لا أدري أنفلت مما أنا فيه أم لا إن خرجت احترقت وإن مكثت احترقت، فقال له رأس الملائكة: قد أوشك يا ابن عمران أن يشتدّ خوفك وينخلع قلبك فاصبر للذي سألت ثم أمر الله تعالى أن يحمل عرشه ملائكة السماء السابعة فلما بدا نور العرش انصدع نور الجبل من عظمة الله تعالى ورفعت الملائكة أصواتهم جميعاً يقولون: سبحان الملك القدّوس رب العزة أبداً لا يموت بشدّة أصواتهم فارتج الجبل واندك وذلك قوله تعالى: ﴿فلما تجلى ربه﴾ أي: «أظهر من نوره قدر نصف أنملة الخنصر» كما في حديث صححه الحاكم ﴿للجبل﴾ أي: جبل زبير بفتح الزاي والإضافة فيه بيانية لقول الجوهري: الزبير اسم للجبل الذي كلم الله تعالى عليه السلام عليه ﴿جعله دكاً﴾ أي: مدكوكاً مفتتاً، وحكي عن سهل بن سعد الساعدي أن الله تعالى أظهر من سبعين ألف حجاب نوراً قدر الدرهم فجعل الجبل دكاً مستوياً بالأرض والدك والدق أخوان، وقال ابن عباس: جعله تراباً، وقال سفيان: ساخ الجبل في الأرض حتى وقع في البحر فهو يذهب فيه، وقال الكلبي: كسر جبالاً صغاراً، قال البغويّ: ووقع في بعض التفاسير صار لعظمته ستة أجبل وقعت ثلاثة


الصفحة التالية
Icon