﴿قال يا موسى إني اصطفيتك﴾ أي: اخترتك ﴿على الناس﴾ أي: الموجودين في زمانك وهارون وإن كان نبياً مرسلاً كان مأموراً باتباعه ولم يكن كليماً ولا صاحب شرع وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بفتح ياء إني والباقون بالسكون وقوله تعالى: ﴿برسالاتي﴾ أي: بأسفار التوراة، قرأه نافع وابن كثير بغير ألف بعد اللام على التوحيد والباقون بالألف بعد اللام على الجمع ﴿وبكلامي﴾ أي: وبتكليمي إياك ﴿فخذ ما آتيتك﴾ أي: ما أعطيتك من الرسالة ﴿وكن من الشاكرين﴾ لأنعمي لأنّ موسى عليه السلام لما منع الرؤية عدّد الله تعالى عليه وجوه نعمه العظيمة التي له عليه وأمره أن يشتغل بشكرها كأنه قال له: إن كنت منعتك الرؤية فقد أعطيتك من النعم العظيمة كذا وكذا فلا يضيق صدرك بسبب منع الرؤية وانظر إلى سائر أنواع النعم التي خصصتك بها واشتغل بشكرها والاشتغال بشكرها إنما يكون بالقيام بلوازمها علماً وعملاً والمقصود تسلية موسى عليه السلام عن منع الرؤية قال الإمام الرازي: وهذا أيضاً أحد ما يدل على أنّ الرؤية جائزة على الله تعالى إذ لو كانت ممتنعة في نفسها لما كان إلى ذكر هذا القدر حاجة.
(١٥/٤١٧)
---


الصفحة التالية
Icon