﴿والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة﴾ أي: وكذبوا بلقائهم الدار الآخرة التي هي موعد الثواب فهو من إضافة المصدر إلى المفعول به ويجوز أن يكون من إضافة المصدر إلى الظرف بمعنى: ولقاء ما وعد الله في الدار الآخرة ﴿حبطت﴾ أي: بطلت ﴿أعمالهم﴾ أي: ما عملوه في الدنيا من خير كصلة رحم وصدقة فلا ثواب لهم لعدم شرطه ﴿هل﴾ أي: ما ﴿يجزون إلا﴾ جزاء ﴿ما كانوا يعملون﴾ أي: من التكذيب والمعاصي.
﴿واتخذ قوم موسى من بعده﴾ أي: بعد ذهابه إلى المناجاة ﴿من حليهم﴾ أي: الذي استعاروه من القبط بسبب عرس فبقي عندهم.
فإن قيل: كيف قال: من حليهم وكان معهم معاراً؟ أجيب: بأنه لما أهلك الله تعالى قوم فرعون بقيت تلك الأموال في أيديهم وصارت ملكاً لهم كسائر أملاكهم بدليل قوله تعالى: ﴿كم تركوا من جنات وعيون، وزروع ومقام كريم، ونعمة كانوا فيها فاكهين، كذلك وأورثناها قوماً آخرين﴾ (الدخان، الآيات: ٢٥ ٢٦ ٢٧ ٢٨)
وقرأ حمزة والكسائي بكسر الحاء والباقون بضمها ﴿عجلاً﴾ أي: صاغه لهم منه السامري وقوله تعالى: ﴿جسداً﴾ بدل منه أي: صار جسداً ذا لحم ودم ﴿له خوار﴾ أي: صوت البقر.
روي أنّ السامريّ لما صاغ العجل ألقي في فمه قبضة من تراب أثر فرس جبريل عليه السلام يوم قطع البحر فصار حياً له خوار، وقيل: صاغه بنوع من الحيل فيدخل الريح جوفه ويصوت. وإنما نسب الاتخاذ إليهم وهو فعله إما لأنهم رضوا به أو لأنّ المراد اتخاذهم إياه إلهاً، وقيل: إنه ما خار إلا مرّة واحدة، وقيل: إنه كان يخور كثيراً فإذا خار سجدوا له وإذا سكت رفعوا رؤوسهم، وقال وهب: كان يسمع منه الخوار وهو لا يتحرّك، قال السدي: كان يخور ويمشي.
(١٥/٤٢٣)
---