وقوله تعالى: ﴿ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلاً﴾ تقريع على فرط ضلالهم وإفراطهم بالنظر لأن هذا العجل لا يمكنه أن يتكلم بصواب ولا يهدي إلى رشد ولا يقدر على ذلك ومن كان كذلك كان جماداً أو حيواناً ناقصاً عاجزاً وعلى كلا التقديرين لا يصلح أن يعبد، ثم وصفهم الله تعالى بالظلم بقوله: ﴿اتخذوه﴾ أي: العجل إلهاً ﴿وكانوا ظالمين﴾ أي: واضعين الأشياء في غير موضعها فلم يكن اتخاذ العجل بدعاً منهم ولا أوّل مناكيرهم واختلفوا هل كل قوم موسى عبدوا العجل أو بعضهم؟ قال الحسن: كلهم عبدوا العجل غير هارون، واحتج عليه بوجهين: الأوّل: عموم هذه الآية، والثاني: قول موسى عليه السلام في هذه القصة: ﴿رب اغفر لي ولأخي﴾ (الأعراف، ١٥١)
قال: خص نفسه وأخاه بالدعاء وذلك يدلّ على أنّ من كان مغايراً لهما ما كان أهلاً للدعاء ولو بقوا على الإيمان ما كان الأمر كذلك، وقال غيره: بل كان قد بقي في بني إسرائيل من ثبت على إيمانه وإن ذلك الكفر إنما وقع في قوم مخصوصين والدليل عليه قوله: ﴿ومن قوم موسى أمّة يهدون بالحق وبه يعدلون﴾ (الأعراف، ١٥٩).
(١٥/٤٢٤)
---


الصفحة التالية
Icon