﴿واسألهم﴾ أي: اسأل يا محمد هؤلاء اليهود الذين هم جيرانك سؤال توبيخ وتقريع ﴿عن القرية﴾ أي: عن خبرها وما وقع بأهلها لا سؤال استفهام لأنه ﷺ كان قد علم حال هذه القرية بوحي من الله تعالى إليه وإخباره إياه بحالهم وإنما القصد من هذا السؤال تقرير اعتداء اليهود وإقدامهم على الكفر والمعاصي قديماً، وأن إصرارهم على الكفر بمحمد ﷺ وإنكارهم نبوته ومعجزاته ليس بشيء قد حدث الآن في زمانه، بل إصرارهم على الكفر كان حاصلاً في قديم الزمان، وفي الإخبار بهده القصة معجزة للنبي ﷺ لأنه كان أمياً لم يقرأ الكتب القديمة ولم يعرف أخبار الأوّلين ثم أخبرهم بما جرى لأسلافهم في قديم الزمان وأنهم بسبب مخالفتهم لأمر الله تعالى مسخوا قردة، واختلفوا في هذه القرية فقال ابن عباس رضي الله عنهما: هي قرية يقال لها أيلة بين مدين والطور على شاطىء البحر، وقال الزهري: هي طبرية الشام، وقيل: مدين والعرب تسمي المدينة قرية، وعن أبي عمرو بن العلاء: ما رأيت قرويين أفصح من الحسن والحجاج، يعني: رجلين من أهل المدن. ﴿التي كانت حاضرة البحر﴾ أي: مجاورة بحر القلزم على شاطئه والحضور نقيض الغيبة كقوله تعالى: ﴿ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام﴾ (البقرة، ١٩٦)
(١٥/٤٥٣)
---


الصفحة التالية
Icon