﴿إذ﴾ أي: حين ﴿يعدون﴾ أي: يعتدون ﴿في السبت﴾ أي: يتجاوزون حدود الله تعالى بالصيد فيه وقد نهوا عنه، وقوله تعالى: ﴿إذ تأتيهم حيتانهم﴾ ظرف ليعدون ﴿يوم سبتهم شرعاً﴾ أي: ظاهرة على الماء كثيرة جمع شارع، وقال الضحاك: متتابعة، وعن الحسن تشرع على أبوابهم كأنها الكباش البيض والحيتان السمك وأكثر ما تستعمل العرب الحوت في معنى السمكة والسبت مصدر سبتت اليهود إذا عظمت سبتها بترك الصيد والاشتغال بالتعبد، فمعناه يعدون في تعظيم هذا اليوم وكذلك قوله: ﴿يوم سبتهم﴾ معناه يوم تعظيمهم أمر السبت يدل عليه قوله تعالى: ﴿ويوم لا يسبتون﴾ أي: لا يعظمون السبت أي: سائر الأيام ﴿لا تأتيهم﴾ أي: الحيتان ابتلاء من الله تعالى ﴿كذلك﴾ أي: مثل ذلك البلاء الشديد ﴿نبلوهم بما﴾ أي: بسبب ما ﴿كانوا يفسقون﴾ وقوله تعالى:
(١٥/٤٥٤)
---
﴿وإذ﴾ معطوف على إذ قبله ﴿قالت أمة﴾ أي: جماعة ﴿منهم﴾ أي: من أهل القرية لم تصد ولم تنه لمن نهى ﴿لم تعظون قوماً الله مهلكهم﴾ في الدنيا بعذاب من عنده لأنهم لا ينتهون عن الفساد ولا يتعظون بالمواعظ ﴿أو معذبهم عذاباً شديداً﴾ في الآخرة لتماديهم في العصيان ﴿قالوا﴾ أي: الواعظون موعظتنا ﴿معذرة﴾ نعتذر بها ﴿إلى ربكم﴾ أي: لئلا ننسب إلى تقصير في ترك النهي فإنّ النهي عن المنكر يجب وإن علم الناهي أن مرتكبه لا يقلع عن معصيته وقيل: إذا علم الناهي حال المنهي وأنّ النهي لا يؤثر فيه سقط النهي، وربما وجب الترك لدخوله في باب العبث، ألا ترى أنك لو ذهبت إلى المكاسين القاعدين على المآصر أو الجلادين المرتبين للتعذيب لتعظهم وتكفهم عما هم فيه كان ذلك عبثاً منك ولم يكن إلا سبباً للتلهي بك ﴿ولعلهم يتقون﴾ أي: وجائز عندنا أن ينتفعوا بالموعظة فيتقوا الله ويتركوا ما هم فيه من الصيد؛ إذ اليأس لا يحصل إلا بالهلاك.


الصفحة التالية
Icon