الرابع: أنه عليه الصلاة والسلام أقدم عليه بسبب اجتهاد أخطأ فيه فإنه ظنّ أن النهي للتنزيه أو الإشارة إلى عين تلك الشجرة فتناول من غيرها من نوعها، وكان المراد بالإشارة الإشارة إلى النوع لا إلى شجرة معينة كما روى أبو داود وغيره «أنه عليه الصلاة والسلام أخذ حريراً وذهباً بيده وقال: هذان حرام على ذكور أمّتي حلّ لإناثها».
فإن قيل: المجتهد إن أخطأ لا يؤاخذ. أجيب: بأنه إنما عوتب على ذلك تعظيماً لشأن الخطيئة ليجتنبها أولاده. وقرأ ورش بإمالة ألف النار بين بين، وقرأ أبو عمرو والدوري عن الكسائي بالامالة المحضة، والباقون بالفتح.
﴿يا بني إسرائيل﴾ أي: أولاد يعقوب وإسرائيل لقبه، ومعنى إسرا بالعبرانية عبد وإيل الله فمعناه: عبد الله، وقيل: صفوة الله ﷺ ﴿اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم﴾ أي: بالتكثر فيها والقيام بشكرها، والذكر يكون بالقلب ويكون باللسان، وتقييد النعمة بهم لأن الإنسان غيور حسود بالطبع فإذا نظر إلى ما أنعم الله على غيره حمله الغيرة والحسد على الكفران والسخط وإن نظر إلى ما أنعم به عليه حمله حب النعمة على الرضا والشكر لله، وقيل: أراد بها ما أنعم على آبائهم من فلق البحر وإنجائهم من فرعون بإغراقه وتظليل الغمام عليهم في التيه وإنزال المنّ والسلوى وغير ذلك من النعم التي لا تحصى قال الله تعالى: ﴿وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها﴾ (إبراهيم، ٣٤) (النحل، ١٨) ﴿وأوفوا بعهدي﴾ أي: بامتثال أمري ومنه ما عهدت إليكم من الإيمان بمحمد ﷺ ﴿أوف بعهدكم﴾ أي: الذي عهدته إليكم من الثواب عليه بدخول الجنة.
(١/١١٥)
---


الصفحة التالية
Icon