فجعل الله تعالى نبيه والمؤمنين في أمر الأسرى بالخيار إن شاءوا قتلوهم، وإن شاءوا فادوهم، وإن شاءوا أعتقوهم أي: فهذه الآية نسخت تلك، قال ابن عباس رضي الله عنهما: كانت الغنائم حراماً على الأنبياء والأمم، وكانوا إذا أصابوا مغنماً جعلوه للقربان وكانت تنزل نار من السماء فتأكله فلما كان يوم بدر أسرع المؤمنون وأخذوا الفداء فأنزل الله تعالى.
﴿لولا كتاب من الله سبق﴾ أي: لولا قضاء الله سبق في اللوح المحفوظ، بأنه يحمل لكم الغنائم ﴿لمسكم﴾ أي: لنالكم ﴿فيما أخذتم﴾ أي: من الفداء ﴿عذاب عظيم﴾ وقال الحسن ومجاهد: لولا كتاب من الله سبق إنه لا يعذب أحداً ممن شهد بدراً مع النبيّ ﷺ قال ابن إسحق: لم يكن من المؤمنين أحد إلا أحب الغنائم، إلا عمر بن الخطاب، فإنه أشار على رسول الله ﷺ بقتل الأسرى، وسعد بن معاذ قال: يا رسول الله كان الإثخان في القتل أحبّ إليّ من استبقاء الرجال فقال رسول الله ﷺ «لو نزل من السماء عذاب ما نجا منه غير عمر بن الخطاب وسعد بن معاذ».
روي: لما نزلت هذه الآية كف رسول الله ﷺ أيديهم أن يأخذوا من الفداء فنزلت:
﴿فكلوا مما غنمتم﴾ أي: من الفداء، فإنه من جملة الغنائم ﴿حلالاً طيباً﴾ فأحل الله الغنائم بهذه الآية لهذه الأمة وقال ﷺ «أحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي».
وروي أنه ﷺ قال: «لم تحل الغنائم لأحد قبلنا، ثم أحل لنا الغنائم ذلك بأنّ الله رأى ضعفنا وعجزنا فأحلها لنا».
(١٦/٧٩)
---


الصفحة التالية
Icon