فإن قيل: كيف تمال الألف وهي تسقط عند التقاء الساكنين؟ أجيب: بأنه لولا إمالتها ما أميلت الراء لأنّ القارىء إذا أراد أن يميل الألف لا يتمكن من الإمالة إلا بإمالة ما قبله ﴿فأخذتكم الصاعقة﴾ أي: الصيحة فمتم، وقيل: جاءت نار من السماء فأحرقتهم وذلك لفرط العناد والتعنت وطلب المستحيل فإنهم ظنوا أنه تعالى يشبه الأجسام فطلبوا رؤيته رؤية الأجسام في الجهات والأحياز المقابلة للرائي وهي محال بل المراد أن يرى رؤية منزهة عن الكيفية وذلك للمؤمنين في الآخرة ولأفراد من الأنبياء في بعض الأحوال في الدنيا ﴿وأنتم تنظرون﴾ أي: ينظر بعضكم إلى بعض حين أخذكم الموت، وقيل: تعلمون ويكون النظر بمعنى العلم فلما هلكوا جعل موسى يبكي ويتضرّع ويقول: ماذا أقول لبني إسرائيل إذا أتيتهم وقد أهلكت خيارهم لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا فلم يزل يناشد ربه حتى أحياهم الله تعالى رجلاً بعد رجل بعدما ماتوا ليلة ينظر بعضهم إلى بعض كيف يحيون كما قال تعالى:
﴿ثم بعثناكم﴾ أي: أحييناكم والبعث إثارة الشيء عن محله يقال: بعثت البعير فانبعث وبعثت النائم فانبعث ﴿من بعد موتكم﴾ بسبب الصاعقة. قال قتادة: أحياهم ليستوفوا بقية آجالهم وأرزاقهم ولو ماتوا بآجالهم لم يبعثوا، وقيد البعث بعد الموت لأنه قد يكون عن إغماء أو نوم كقوله تعالى: ﴿فضربنا على آذانهم في الكهف﴾ (الكهف، ١١) إلى أن قال: ﴿ثم بعثناهم﴾ أي: من النوم ﴿لعلكم تشكرون﴾ نعمة لبعث أو ما كفرتموه من النعم المتتابعة.
(١/١٣٣)
---