﴿وظللنا عليكم الغمام﴾ في التيه يقيكم حرّ الشمس، والغمام من الغم وأصله التغطية والستر سمي السحاب غماماً لأنه يغطي وجه الشمس وذلك أنه لم يكن لهم في التيه كنّ يسترهم فشكوا إلى موسى ﷺ عليه فأرسل الله غماماً أبيض رقيقاً أطيب من غمام المطر وجعل لهم عموداً من نور يضيء لهم بالليل إذا لم يكن قمر يسيرون في ضوئه وكانت ثيابهم لا تتسخ ولا تبلي وغلظ ورش اللام المفتوحة بعد الظاء ﴿وأنزلنا عليكم المنّ والسلوى﴾ في التيه، والأكثرون على أنّ المنّ هو الترنجبين، قال مجاهد: هو شيء كالصمغ كان يقع على الأشجار طعمه كالشهد وكان يقع كل ليلة على أشجارهم مثل الثلج لكل إنسان منهم صاع فقالوا: يا موسى قتلنا هذا المنّ بحلاوته فادع لنا ربك أن يطعمنا اللحم، فأنزل الله عليهم السلوى جمع سلواة وهو الطير السماني بتخفيف الميم والقصر جمع سماناة وهو الطير المعروف، وقيل: هو طائر يشبهه بعث الله سحابة فمطرت السماني في عرض ميل وطول رمح في السماء بعضه على بعض فكان الله تعالى ينزل عليهم المنّ والسلوى كل صباح من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس فكان كل واحد منهم يأخذ ما يكفيه يوماً وليلة وإذا كان يوم الجمعة يأخذ كل واحد منهم ما يكفيه ليومين لأنه لم يكن ينزل يوم السبت. وقرأ السلوى حمزة والكسائي بالإمالة محضة، وأبو عمرو بين بين، وورش بالفتح وبين اللفظين.
(١/١٣٤)
---