والإعجاب السرور بالشيء مع نوع الافتخار به ومع اعتقاد أنه ليس لغيره ما يساويه وهذه الحالة تدل على استغراق النفس بذلك الشيء وانقطاعه عن الله تعالى فإنه لا يبعد في حكم الله تعالى أن يزيل ذلك الشيء عن ذلك الإنسان ويجعله لغيره والإنسان متى كان متذكراً لهذا المعنى زال إعجابه بذلك الشيء ولذلك قال ﷺ «ثلاث مهلكات شح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه» وكان ﷺ يقول: «هلك المكثرون»، وقال أيضاً: «مالك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدّقت فأبقيت».
وروي من كثر ماله اشتدّ حسابه ومن أراد من السلطان قرباً ازداد من الله بعداً والأخبار الواردة في هذا الباب كثيرة والمقصود منها الزجر عن الإطناب من الدنيا والمنع من التهالك في حبها والافتخار بها لأنّ الإنسان خلق للآخرة لا للدنيا فينبغي أن لا يشتدّ عجبه بالدنيا وأن لا يميل قلبه إليها فإن المسكن الأصلي له هو الآخرة لا الدنيا، ولما بين تعالى كون المنافقين مستجمعين لكل مضار الدنيا والآخرة خالين عن جميع منافع الآخرة والدنيا عاد إلى ذكر فضائحهم وقبائحهم فمنها إقدامهم على الأيمان الكاذبة كما قال تعالى:
(١٦/١٧٤)
---
﴿ويحلفون﴾ أي: المنافقون ﴿با﴾ للمؤمنين إذا جاؤوا معهم ﴿إنهم لمنكم﴾ أي: على دينكم وملتكم ﴿وما هم منكم﴾ أي: لكفر قلوبهم ﴿ولكنهم قوم يفرقون﴾ أي: يخافون منكم أن تفعلوا بهم ما تفعلوا بالمشركين فيظهرون الإسلام تقية.


الصفحة التالية
Icon