(١/١٤١)
---
﴿مصراً﴾ من الأمصار، والمصر البلد العظيم لا العلم بفتح اللام، وقيل: أراد به العلم وهي مصر موسى وفرعون، قال البيضاويّ: ويؤيده ـ أي: القول ـ بأن المراد بمصر العلم أنه غير منوّن في مصحف ابن مسعود أي: وهي قراءة شاذة وإنما صرفه على هذا مع أنّ فيه العلمية والتأنيث لسكون وسطه كما في هند ودعد لمعادلة أحد سببي منع الصرف بخفة الاسم لسكون وسطه أو على تأويل مصر بالمكان فذكره فيبقى فيه سبب واحد فانصرف ﴿فإنّ لكم﴾ فيه ﴿ما سألتم﴾ من نبات الأرض ﴿وضربت عليهم﴾ أي: أحيطت إحاطة القبة بمن ضربت عليه أو ألصقت بهم من ضرب الطين على الحائط ﴿الذلة﴾ أي: الذل والهوان، وقيل: الجزية، ﴿والمسكنة﴾ أي: الفقر وسمي الفقير مسكيناً لأنّ الفقر أسكنه وأقعده عن الحركة وفعل بهم ذلك مجازاة لهم على كفران النعمة ولذلك تجد اليهود في غالب الأمر أذلاء مساكين إمّا على الحقيقة أو على التكلف مخافة أن تضاعف جزيتهم، وقيل: الذلة فقر القلب فلا ترى في أهل الملل أذل وأحرص على المال من اليهود. وقرأ حمزة والكسائي: عليهم بضمّ الهاء والميم وصلاً، وفي الوقف حمزة على أصله، والكسائي بكسرها، وأبو عمرو بكسر الهاء والميم وقفاً ووصلاً، وباقي القرّاء بكسر الهاء وضم الميم وصلاً وفي الوقف بكسر الهاء وسكون الميم ﴿وباؤوا﴾ رجعوا ﴿بغضب من الله﴾ ولا يقال باء إلا بشر، وأصل البوء المساواة، وقال أبو عبيدة: احتملوه وأقروا به ومنه الدعاء: «أبوء بنعمتك وأبوء بذنبي» أي: أقرّ، وقوله تعالى: ﴿ذلك﴾ إشارة إلى ما مرّ من ضرب الذلة والمسكنة والبوء بالغضب ﴿بأنهم﴾ أي: بسبب أنهم ﴿كانوا يكفرون بآبات الله﴾ بصفة محمد ﷺ وآية الرجم في التوراة ويكفرون بالانجيل والقرآن وبالمعجزات التي من جملتها ما عدّ عليهم من فلق البحر وإظلال الغمام وإنزال المنّ والسلوى وانفجار العيون من الحجر ﴿ويقتلون النبيين بغير الحق﴾ أي: ظلماً فإنهم قتلوا شعياء وزكريا ويحيى


الصفحة التالية
Icon