وغيرهم. روي
(١/١٤٢)
---
أن اليهود قتلوا سبعين نبياً في أوّل النهار وقامت سوق بقلهم آخر النهار.
فإن قيل: لم قال: ﴿بغير الحق﴾ وقتل النبيين لا يكون إلا بغير الحق؟ أجيب: بأنه ذكره وصفاً للقتل والقتل يوصف تارة بالحق وتارة بغير الحق وهو مثل قوله تعالى: ﴿قل رب احكم بالحق﴾ (الأنبياء، ١١٢) ذكر الحق وصفاً للحكم لا أنّ حكمه ينقسم إلى الجور والحق، أو أنه بغير الحق عندهم إذ لم يروا منهم ما يعتقد به جواز قتلهم.
فإن قيل: إنّ الله تعالى قد أخبر بقتل الأنبياء ونصر الرسل فكيف الجمع؟ أجيب: بأن المحل مختلف إذ الرسول غير النبيّ وبأنّ المراد بالنصر الغلبة بإظهار الحجة لا العصمة من القتل وإنما حملهم على ذلك اتباع الهوى وحب الدنيا كما أشار إليه تعالى بقوله: ﴿ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون﴾ أي: جرهم العصيان والتمادي والاعتداء فيه إلى الكفر بالآيات وقتل النبيين، فإنّ صغار الذنوب أسباب تؤدّي إلى ارتكاب كبارها كما أنّ صغار الطاعات أسباب مؤدية إلى تحرّي كبارها، وكرر الإشارة للدّلالة على أنّ ما لحقهم كما هو بسبب الكفر والقتل فهو بسبب ارتكابهم المعاصي واعتدائهم حدود الله، وقيل: الإشارة إلى الكفر والقتل والباء بمعنى مع وعلى هذا إنما جوّزت الإشارة بالمفرد إلى شيئين فصاعداً على تأويل ما ذكر والذي حسن ذلك أن تثنية المضمرات والمبهمات وجمعها وتأنيثها ليست على الحقيقة ولذلك جاء الذي بمعنى الجمع، وقرأ النبيئين نافع بالهمزة، والباقون بالياء، وورش على أصله في الهمز بالمدّ والتوسط والقصر.
(١/١٤٣)
---