﴿قل بفضل الله وبرحمته﴾ فقال مجاهد وقتادة: فضل الله: القرآن، ورحمته: ان جُعِلْنَا من أهله. وقال ابن عباس والحسن: فضل الله: الإسلام، ورحمته: القرآن. وعن أبيّ بن كعب أنّ رسول الله ﷺ تلا ﴿قل بفضل الله وبرحمته﴾ فقال:«بكتاب الله والإسلام». وقال ابن عمر: فضل الله: الإسلام، ورحمته: تزيينه في قلوبنا. وقيل: فضل الله: الإسلام، ورحمته: الجنة. وقيل: فضل الله: القرآن، ورحمته: السنن. ولا مانع من أن نفسر الآية بجميع ذلك إذ لا تنافي بين هذه الأقوال. والباء في بفضل الله وبرحمته متعلقة بمحذوف يفسره ما بعده تقديره: قل فليفرحوا بفضل الله وبرحمته. ﴿فبذلك فليفرحوا﴾ والتكرير للتأكيد والتقرير وإيجاب اختصاص الفضل والرحمة بالفرح دون ما عداهما من فوائد الدنيا، فحذف أحد المفعولين لدلالة المذكور عليه، والفاء داخلة لمعنى الشرط كأنه قيل: إن فرحوا بشيء فليفرحوا بهما. فإنه لا مفروح به أحق منهما. ﴿هو﴾ أي: المحدّث عنه من الفضل والرحمة ﴿خير مما يجمعون﴾ أي: من حطام الدنيا ولذاتها الفانية. وقرأ ابن عامر بالتاء على الخطاب والباقون بالياء على الغيبة.
﴿قل﴾ يا محمد لكفار مكة ﴿أرأيتم﴾ أي: أخبروني ﴿ما أنزل﴾ أي: خلق ﴿الله لكم من رزق﴾ وأنه تعالى جعل الرزق منزلاً؛ لأنه مقدر في السماء يحصل بأسباب منها ﴿فجعلتم منه﴾ أي: من ذلك الرزق ﴿حراماً وحلالاً﴾ وهو مثل ما ذكروه من تحريم السائبة والوصيلة والحام، ومثل قولهم: هذه أنعام وحرث حجر. ومثل قولهم: هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرّم على أزواجنا. ومثل قولهم: ثمانية أزواج من الضأن اثنين ﴿قل﴾ لهم يا محمد ﴿ءآلله أذن لكم﴾ في هذا التحريم والتحليل ﴿أم﴾ أي: بل ﴿على الله تفترون﴾ أي: تكذبون على الله بنسبة ذلك إليه
(٣/٦٠)
---


الصفحة التالية
Icon