﴿ألا إنّ لله من في السموات ومن في الأرض﴾ ملكاً وخلقاً. فإن قيل: قد ذكر الله تعالى في الآية المتقدّمة ﴿ألا إنَّ لله ما في السموات والأرض﴾ بلفظ ما وقال هنا بلفظ من فما فائدة ذلك؟ أجيب: بأنه تعالى غلب في الآية الأولى ما لا يعقل على من يعقل لكثرته، وفي هذه غلب العاقل على غيره لشرفه، وقيل: مجموع الآيتين دال على أنّ الكل خلقه وملكه، وقيل: إنّ المراد بمن في السموات الملائكة، وبمن في الأرض الثقلان، وإنما خصهم بالذكر لشرفهم، وإذا كان هؤلاء في ملكه وتحت قهره فما لا يعقل منها أحق أن لا يكون له ندّا وشريكاً فهو كالدليل على قوله تعالى: ﴿وما يتبع الذين يدعون﴾ أي: يعبدون ﴿من دون الله﴾ أي: غيره أصناماً ﴿شركاء﴾ على الحقيقة وإن كانوا يسمونها شركاء ـ تعالى الله عن ذلك ـ ﴿إنّ﴾ أي: ما ﴿يتبعون﴾ في ذلك ﴿إلا الظنّ﴾ أي: ظنها أنها آلهة تشفع لهم وأنها تقربهم إلى الله تعالى، ثم بيّن تعالى أنّ هذا الظنّ لا حكم له بقوله تعالى: ﴿وإن﴾ أي: ما ﴿هم إلا يخرصون﴾ أي: يكذبون في ذلك، ويجوز أن يكون وما يتبع في معنى الاستفهام، أي: وأيّ شيء يتبعون، وشركاء على هذا نصب بيدعون، وعلى الأوّل بيتبع، وكان حقه ﴿وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء﴾ شركاء فاقتصر على أحدهما للدلالة وقوله تعالى:
(٣/٦٦)
---