(٣/١٩٤)
---
وقوفهم للحساب، ثم يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار فيكون المعنى خالدين في الجنة والنار إلا هذا المقدار. وقيل: معناه لو شاء ربك لأخرجهم منها ولكنه لا يشاء؛ لأنه تعالى حكم بالخلود. وقال الفراء: هذا الاستثناء استثناه الله تعالى ولا يفعله، كقولك: والله لأضربنك إلا أن أرى غير ذلك وعزيمتك أن تضربه.
وقال أهل المعاني: هذه عبارة عن التأبيد على عادة العرب يقولون: لا آتيك ما دامت السموات والأرض ولا يكون كذا ما اختلف الليل والنهار يعنون أبداً. وقيل: إنّ أهل النار ينقلون منها إلى الزمهرير وغيره من العذاب أحياناً، وكذلك أهل الجنة ينعمون بما هو أعلى من الجنة وهو الفوز برضوان الله تعالى ولقائه كما قال تعالى: ﴿وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر﴾ (التوبة، ٧٢). وقرأ حفص وحمزة والكسائي سعدوا بضم السين على البناء للمفعول من سعده الله بمعنى أسعده والباقون بفتحها، وعطاء نصب على المصدر المؤكد، أي: أعطوا عطاء، أو الحال من الجنة، ولما شرح الله تعالى أقاصيص عبدة الأوثان ثم أتبعه بأحوال الأشقياء وأحوال السعداء شرح للرسول ﷺ أحوال الكفار من قومه فقال:
(٣/١٩٥)
---
﴿فلا تك﴾ يا محمد ﴿في مرية﴾، أي: شك ﴿مما يعبد هؤلاء﴾ المشركون من الأصنام أننا نعذبهم كما عذبنا من قبلهم، وهذه تسلية للنبيّ ﷺ ﴿ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم﴾، أي: كعبادتهم ﴿من قبل﴾ وقد عذبناهم ﴿وإنا لموفوهم﴾ مثلهم ﴿نصيبهم﴾، أي: حظهم من العذاب ﴿غير منقوص﴾، أي: كاملاً غير ناقص. ولما ذكر تعالى في هذه الآية إعراضهم عن الاتباع مع ما أتى به من المعجزات وأنزل عليه من الكتاب سلاه بأخيه موسى عليه السلام بقوله تعالى:
(٣/١٩٦)
---


الصفحة التالية
Icon