﴿ولقد آتينا موسى الكتاب﴾، أي: التوراة الجامعة للخير ﴿فاختلف فيه﴾، أي: الكتاب، فآمن به قوم وكفر به قوم، كما اختلف هؤلاء في القرآن ﴿ولولا كلمة سبقت من ربك﴾ بتأخير الحساب والجزاء للخلائق إلى يوم القيامة ﴿لقضي﴾، أي: لوقع القضاء ﴿بينهم﴾، أي: بين من اختلف في كتاب موسى في الدنيا فيما اختلفوا فيه بإنزال ما يستحقه المبطل ليتميز به المحق، ولكن سبقت الكلمة أنّ القضاء الكامل إنما يكون يوم القيامة كما قال تعالى في سورة يونس عليه السلام :﴿فما اختلفوا حتى جاءهم العلم﴾ (يونس، ٩٣) الآية ولما كان الاختلاف قد يكون بغير الكفر بين تعالى أنه به؛ لأنّ كل طائفة من اليهود تنكر شكها فيه وفعلها فعل الشاك فقال تعالى مؤكداً: ﴿وإنهم لفي شك﴾، أي: عظيم محيط بهم ﴿منه﴾، أي: من الكتاب والقضاء ﴿مريب﴾، أي: موقع في الريب والتهمة والاضطراب مع ما رأوا من الآيات التي منها سماع كلام الله تعالى ورؤية ما كان يتجلى في جبل الطور من خوارق الأحوال. وقيل: الضمير في وإنهم راجع لكفار مكة وفي منه للقرآن ﴿وإن كلا﴾، أي: كل الخلائق، وقوله تعالى ﴿لما﴾ ما زائدة واللام موطئة لقسم مقدّر تقديره والله ﴿ليوفينهم ربك أعمالهم﴾ فيجازي المصدّق على تصديقه الجنة، ويجازى المكذب على تكذيبه النار. وقرأ نافع وابن كثير وشعبة بتخفيف وإن والباقون بالتشديد، وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة بتشديد ميم لما والباقون بالتخفيف.
(٣/١٩٧)
---


الصفحة التالية
Icon