فائدة: قال بعض الفضلاء أنه تعالى لما أخبر عن توفية الأجزية على المستحقين في هذه الآية ذكر فيها سبعة أنواع من التأكيدات: أوّلها: كلمة إن وهي للتأكيد، وثانيها: لفظة كل وهي أم الباب في التأكيد. وثالثها: اللام الداخلة على خبر إن تفيد التأكيد أيضاً. ورابعها: حرف ما إذا جعلناه على قول الفراء موصولاً. وخامسها: المضمر. وسادسها: اللام الثانية الداخلة على جواب القسم. وسابعها: النون المذكورة في قوله تعالى ﴿ليوّفينّهم﴾ فجميع هذه الألفاظ السبعة الدالة على التوكيد في هذه الكلمة الواحدة تدلّ على أنّ أمر الربوبية والعبودية لا يتم إلا بالبعث والقيامة وأمر الحشر والنشر، ثم أردفه بقوله تعالى: ﴿إنه بما يعملون خبير﴾ وهو من أعظم المؤكدات فإنه تعالى لا يخفى عليه شيء من أعمال عباده، ففيه وعد للمحسنين ووعيد للمكذبين الكافرين. ولما بين تعالى أمر الوعد والوعيد قال لنبيه صلى الله عليه وسلم
﴿فاستقم﴾، أي: على دين ربك والعمل والدعاء إليه ﴿كما أمرت﴾ والأمر في ذلك للتأكيد فإنّه ﷺ كان على الاستقامة لم يزل عليها، فهو كقولك للقائم: قم حتى آتيك، أي: دم على ما أنت عليه من القيام حتى آتيك، وتوطيئة لقوله تعالى: ﴿ومن تاب معك﴾، أي: وليستقم أيضاً على دين الله والعمل بطاعته من آمن معك. قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه : الاستقامة أن تستقيم على الأمر والنهي ولا تروغ عنه روغان الثعلب، وأشار ﷺ إلى شدّة الاستقامة بقوله:
(٣/١٩٨)
---


الصفحة التالية
Icon