سقم، وهيئ
(٣/٢٠٠)
---
زادك فقد حضر السفر البعيد، وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء والسلام. وقال سفيان: في جهنم واد لا يسكنه إلا القرّاء الزائرون للملوك. وعن الأوزاعي ما من شيء أبغض إلى الله تعالى من عالم يزور عاملاً، أي: من الظلمة. وعن محمد بن سلمة: الذباب على العذرة أحسن من قارئ على باب هؤلاء. قال ﷺ :«من دعا لظالم بالبقاء فقد أحب أن يعصي الله في أرضه». ولقد سئل سفيان عن ظالم أشرف على الهلاك في برية هل يسقى شربة ماء فقال: لا فقيل له: يموت، فقال: دعه يموت. وقوله تعالى: ﴿وما لكم من دون الله من أولياء﴾، أي: أعواناً وأنصاراً يمنعوكم من عذابه حال من قوله: ﴿فتمسكم النار﴾، أي: فتمسكم النار وأنتم على هذه الحالة ﴿ثم لا تنصرون﴾، أي: لا تجدون من ينصركم ويخلصكم من عذاب الله في القيامة. ففي هذه الآية وعيد لمن ركن إلى الظلمة بأن تمسه النار فكيف يكون حال الظالم في نفسه. ولما أمر تعالى بالاستقامة أردفه بالأمر بالصلاة بقوله تعالى:
﴿وأقم الصلاة﴾ وذلك يدلّ على أنّ أعظم العبادات بعد الإيمان بالله تعالى هو الصلاة وقوله تعالى: ﴿طرفي النهار﴾ الغداة والعشي، أي: الصبح والظهر والعصر. وقوله تعالى: ﴿وزلفاً﴾ جمع زلفةً، أي: طائفة ﴿من الليل﴾، أي: المغرب والعشاء ﴿إنّ الحسنات﴾ كالصلوات الخمس ﴿يذهبن﴾، أي: يكفرن ﴿السيئات﴾، أي: الذنوب الصغائر، لما رواه مسلم أنه ﷺ قال: «الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهنّ ما اجتنبت الكبائر»، وزاد في رواية أخرى: «ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهنّ إذا اجتنبت الكبائر»، وعن أبي هريرة أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: «أرأيتم لو أنّ نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرّات ما تقولون هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا يارسول الله، لا يبقى من درنه شيء.u
(٣/٢٠١)
---


الصفحة التالية
Icon