(٣/٢٠٢)
---
رسول الله، أهي له خاصة أم للمؤمنين عامّة؟ قال: «بل للمؤمنين عامّة». قال العلماء: الصغائر من الذنوب تكفرها الأعمال الصالحة مثل الصلاة والصدقة والذكر والاستغفار ونحو ذلك من أعمال البر، وأمّا الكبائر من الذنوب فلا يكفرها إلا التوبة النصوح ولها ثلاث شرائط: الأوّل: الإقلاع عن الذنب بالكلية، الثاني: الندم على فعله، الثالث: العزم التام على أن لا يعود إليه في المستقبل، فإذا حصلت هذه الشرائط صحت التوبة وكانت مقبولة إن شاء الله تعالى والإشارة في قوله تعالى ﴿ذلك ذكرى﴾ إلى ما تقدّم ذكره من قوله تعالى: ﴿فاستقم كما أمرت﴾ إلى ههنا. وقيل: هو إشارة إلى القرآن. وقوله تعالى:
﴿واصبر﴾ خطاب للنبيّ ﷺ أي: واصبر يا محمد على أذى قومك أو على الصلاة وهو قوله تعالى: ﴿وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليهافإن الله لا يضيع أجر المحسنين﴾، أي: أجر أعمالهم. وعدل عن الضمير ليكون كالبرهان على المقصود ودليلاً على أنّ الصلاة و الصبر إحسان وإيماء بأنه لا يعتد بهما دون الإخلاص. ولما بيّن تعالى أنّ الأمم المتقدّمين حل بهم عذاب الاستئصال بين أنّ السبب فيه أمران، السبب الأوّل: أنه ما كان فيهم قوم ينهون عن الفساد في الأرض فقال تعالى:
﴿فلولا﴾، أي: فهلا ﴿كان من القرون﴾، أي: من الأمم الماضية ﴿من قبلكم أولو بقية﴾، أي: أصحاب رأي وخير وفضل ﴿ينهون عن الفساد في الأرض﴾ وسمي الفضل والجود بقية؛ لأنّ الرجل يستبقي مما يخرجه أجوده وأفضله فصار مثلاً في الجودة والفضل، و يقال: فلان من بقية القوم، أي: من خيارهم وبه فسر بيت الحماسة:
*إن تذنبوا ثم يأتيني بقيتكم
ومنه قولهم: في الزوايا خبايا، وفي الرجال بقايا. ويجوز أن تكون البقية بمعنى البقوى كالتقية بمعنى التقوى، أي: فهلا كان منهم ذوو بقاء على أنفسهم وصيانة لها من سخط الله تعالى وعقابه.
(٣/٢٠٣)
---


الصفحة التالية
Icon