فائدة: حكي عن الخليل أنه قال: كل ما في القرآن من كلمة لولا فمعناه هلا إلا التي في الصافات. قال صاحب «الكشاف»: وما صحت هذه الحكاية ففي غير الصافات ﴿لولا أن تداركه نعمة من ربه﴾ (القلم، ٤٩)، ﴿ولولا رجال مؤمنون﴾ (الفتح، ٢٥)، ﴿ولولا أن ثبتناك﴾ (الإسراء، ٧٤) انتهى. وقوله تعالى: ﴿إلا قليلاً ممن أنجينا منهم﴾ استثناء منقطع، معناه: ولكن قليلاً ممن أنجينا من القرون نهوا عن الفساد وسائرهم تاركون للنهي. السبب الثاني لنزول عذاب الاستئصال قوله تعالى: ﴿واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه﴾، أي: ما نعموا فيه من الشهوات واهتموا بتحصيل أسبابها وأعرضوا عما وراء ذلك ﴿وكانوا مجرمين﴾، أي: كافرين.
تنبيه: قوله تعالى:(واتبع الذين ظلموا) إن كان معناه واتبعوا الشهوات كان معطوفاً على مضمر؛ لأنّ المعنى إلا قليلاً ممن أنجينا منهم نهوا عن الفساد، وأتبع الذين ظلموا شهواتهم فهو عطف على نهوا، وإن كان معناه واتبعوا جزاء الاتراف فالواو للحال فكأنه قيل: أنجينا القليل وقد أتبع الذين ظلموا جزاءهم. وقوله تعالى: ﴿وكانوا مجرمين﴾ عطف على أترفوا، أي: اتبعوا الاتراف، وكونهم مجرمين؛ لأنّ تابع الشهوات مغمور بالآثام أو على اتبعوا، أي: اتبعوا شهواتهم وكانوا مجرمين بذلك. ثم بيّن تعالى أنه ما أهلك أهل القرى بظلم بقوله تعالى:
(٣/٢٠٤)
---


الصفحة التالية
Icon