﴿و﴾ لما علموا أنه لا يصدّقهم بغير أمارة ﴿جاؤوا على قميصه﴾، أي: يوسف عليه السلام ﴿بدم كذب﴾ قال الفراء: ، أي: مكذوب فيه إلا أنه وصفه بالمصدر على تقدير ذي كذب أو مكذوب أطلق على المصدر مبالغة؛ لأنه غير مطابق للواقع؛ لأنهم ادّعوا أنه دم يوسف عليه السلام والواقع أنه دم سخلة ذبحوها ولطخوا القميص بذلك الدم. قال القاضي: ولعلّ غرضهم في نزع قميصه عند إلقائه في غيابة الجب أن يفعلوا هذا توكيداً لصدقهم إذ يبعد أن يفعلوا ذلك طمعاً في نفس القميص ولا بدّ في المعصية من أن يقترن بها الخذلان، فلو خرقوه مع لطخه بالدم لكان الاتهام أقوى فلما شاهد يعقوب عليه السلام القميص صحيحاً علم كذبهم، روي أنّ يعقوب عليه السلام أخذ القميص منهم، وألقاه على وجهه وبكى حتى خضب وجهه بدم القميص وقال: تالله ما رأيت كاليوم ذئباً أحلم من هذا أكل ابني ولم يمزق قيمصه.
تنبيه: على قميصه محله النصب على الظرفية كأنه قيل: وجاؤوا فوق قميصه بدم كما تقول: جاء على جماله بأحماله، ولا يصح أن يكون حالاً متقدّمة؛ لأنّ حال المجرور لا يتقدّم عليه. قال الشعبي: قصة يوسف كلها في قميصه، وذلك أنهم لما ألقوه في الجب نزعوا قميصه ولطخوه بالدم وعرضوه على أبيه ولما شهد الشاهد قال: ﴿إن كان قميصه قد من قبل﴾ (يوسف، ٢٦) ولما أتي بقميصه إلى يعقوب وألقي على وجهه ارتدّ بصيراً.
(٣/٢٢٩)
---