﴿يوسف﴾، أي: يا يوسف ﴿أعرض﴾، أي: انصرف بكليتك مجاوزاً ﴿عن هذا﴾ الحديث فلا تذكره لأحد حتى لا يشيع وينشر بين الناس، ثم التفت إلى المرأة وقال لها: ﴿واستغفري لذنبك﴾، أي: توبي إلى الله تعالى مما رميتي يوسف به من الخطيئة وهو بريء منها ﴿إنك كنت من الخاطئين﴾، أي: الآثمين.
قال أبو بكر الأصم: إنّ ذلك الزوج كان قليل الغيرة فاكتفى منها بالاستغفار، وقيل: إنّ القائل المذكور هو الشاهد. فإن قيل: كيف قال من الخاطئين بلفظ التذكير؟ أجيب: بأنه قال ذلك تغليباً للذكور على الإناث أو أن المراد أنك من نسل الخاطئين، فمن ذلك النسل سرى ذلك العرق الخبيث فيك، ثم شاع الخبر واشتهر.
﴿وقال نسوة﴾، أي: وقال جماعة من النساء وكنّ خمساً: امرأة الساقي، وامرأة الخباز، وامرأة صاحب الدواب، وامرأة صاحب السجن، وامرأة الحاجب، والنسوة اسم مفرد لجمع المرأة وتأنيثه غير حقيقي، ولذلك لم يلحق فعله تاء التأنيث وقوله: ﴿في المدينة﴾، أي: مدينة مصر ظرف، أي: أشعن الحكاية في مصر أو صفة نسوة، وقيل: مدينة عين شمس. ﴿امرأت العزيز﴾ وإنما أضفنها إلى زوجها إرادة لإشاعة الخبر، لأنّ النفس إلى سماع أخبار أولي الأخطار أميل ويردن قطفير والعزيز الملك بلسان العرب ورسم امرأة بالتاء المجرورة ووقف عليها ابن كثير وأبو عمرو والكسائي بالهاء والباقون بالتاء، وأما الوصل فهو بالتاء للجميع ﴿تراود فتاها﴾، أي: عبدها الكنعاني، يقال: فتاي وفتاتي، أي: عبدي وجاريتي ﴿عن نفسه﴾، أي: تطلب منه الفاحشة وهو يمتنع منها ﴿قد شغفها حباً﴾، أي: شق شغاف قلبها وهو حجابه حتى وصل إلى فؤادها، وحباً نصب على التمييز، وقيل: جلدة رقيقة يقال لها: لسان القلب قال النابغة:
*وقد حال همّ دون ذلك والج ** مكان انشغاف تبتغيه الأصابع
(٣/٢٤٨)
---