تنبيه: اللام في للرؤيا مزيدة فلا تعلق لها بشيء، وزيدت لتقدّم المعمول تقويةً للعامل كما زيدت إذا كان العامل فرعاً كقوله تعالى: ﴿فعال لما يريد﴾ (البروج، ١٦) ولا تزاد فيما عدا ذينك إلا ضرورة، وقيل: ضمن تعبرون معنى ما يتعدّى باللام تقديره: إن كنتم تنتدبون لعبارة الرؤيا، وقيل: متعلقة بمحذوف على أنها للبيان كقوله تعالى: ﴿وكانوا فيه من الزاهدين﴾ (يوسف، ٢٠) تقديره: أعني فيه، وكذلك هذا تقديره: أعني للرؤيا، وعلى هذا يكون مفعول تعبرون محذوفاً تقديره تعبرونها، وفي الآية ما يوجبه حال العلماء من حاجة الملوك إليهم فكأنه قيل: فما قالوا؟ فقيل:
(٣/٢٦٤)
---
﴿قالوا﴾ هذه الرؤيا ﴿أضغاث﴾، أي: أخلاط ﴿أحلام﴾ مختلطة مختلفة مشتبهة جمع ضغث بكسر الضاد وإسكان الغين المعجمة، وهي قبضة حشيش مختلطة الرطب باليابس، والأحلام جمع حلم بضم الحاء وإسكان اللام وضمها، وهو الرؤيا فقيدوها بالأضغاث، وهو ما يكون من الرؤيا باطلاً لكونه من حديث النفس ووسوسة الشيطان لكونها تشبه أخلاط النبات التي لا تناسب بينها؛ لأنّ الرؤيا تارة تكون من الملك وهي الصحيحة، وتارة تكون من تحزين الشيطان وتخليطاته، وتارة من حديث النفس، ثم قالوا: ﴿وما نحن﴾، أي: بأجمعنا ﴿بتأويل الأحلام﴾، أي: المنامات الباطلة ﴿بعالمين﴾، أي: ليس لها تأويل عندنا، وإنما التأويل للمنامات الصادقة كأنه مقدّمة ثانية للعذر ولما سأل الملك عن هذه الرؤيا واعترف الحاضرون بالعجز عن الجواب تذكر ذلك الشرابي واقعة يوسف عليه السلام؛ لأنه كان يعتقد فيه كونه متبحراً في هذا العلم كما قال تعالى: