﴿ثم يأتي من بعد ذلك﴾، أي: السبع المجدبات ﴿عام فيه يغاث الناس﴾، أي: يمطرون من الغيث وهو المطر، وقيل: ينقذون من قول العرب استغثت فأغاثني ﴿وفيه يعصرون﴾ من العنب خمراً، ومن الزيتون زيتاً، ومن السمسم دهناً، وأراد بذلك كثرة النعم والخير. وقال أبو عبيدة: ينجون من الكرب والشدّة والجدب. وقرأ حمزة والكسائي بالتاء على الخطاب؛ لأنّ الكلام كله مع الخطاب، والباقون بالياء على الغيبة ردّاً إلى الناس. ولما رجع الشرابي إلى الملك وعرض عليه التعبير الذي ذكره يوسف عليه السلام استحسنه.
(٣/٢٦٨)
---
﴿وقال الملك﴾، أي: الذي العزيز في خدمته ﴿ائتوني به﴾ لأسمع ذلك منه وأكرمه وهذا يدلّ على فضيلة العلم فإنه سبحانه وتعالى جعل علمه سبباً لخلاصه من المحنة الدنيوية، فكيف لا يكون العلم سبباً للخلاص من المحن الأخروية؟ فأتاه الرسول ليأتي به إلى الملك ﴿فلما جاءه﴾، أي: يوسف عليه السلام عن قرب من الزمان ﴿الرسول﴾ بذلك وهو الساقي وقال له: أجب الملك ﴿قال﴾ له يوسف عليه السلام ﴿ارجع إلى ربك﴾، أي: سيدك الملك، ولم يخرج معه حتى يظهر برهانه للملك ولا يراه بعين النقص ولذلك قال: ﴿فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهنّ﴾ وإنما قال يوسف عليه السلام: فاسأله ما بال النسوة، ولم يقل: فاسأله أن يفتش عن حالهنّ؛ لأنّ قوله: فاسأله يحتمل أن يكون بمعنى المسألة، أي: اسأله عن شأنهنّ وأن يكون بمعنى الطلب، وهو أن يفتش عن شأنهنّ فحسن تقييده بلفظ ما التي يسأل بها عن حقيقة الشيء ليهيجه أن يتحرك للتفتيش عن حالهنّ؛ لأنّ الإنسان حريص على تحقيق الشيء ويستنكف أن ينسب إلى الجهل به بخلاف ما لو قال: سله أن يفتش، أي: اطلب منه فإنه لا يبالي بهذا الطلب ولا يلتفت إليه لا سيما الملوك.k
(٣/٢٦٩)
---