فإن قيل: لم أفرد الملكين بالذكر مع دخولهما في الملائكة؟ أجيب: بأنّ ذلك لفضلهما، فكأنهما من جنس آخر وهو مما ذكر أن التغاير في الوصف ينزل منزلة التغاير في الذات وبأن المحاجة كانت فيهما والواو فيها بمعنى أو يعني من كان عدوّاً لأحد هؤلاء؛ لأنّ الكافر بالواحد كافر بالكل، وقدم جبريل لشرفه، وقدم الملائكة على الرسل كما قدم الله على الجميع؛ لأنّ عداوة الرسل بسبب نزول الكتب ونزولها بتنزيل الملائكة وتنزيلهم لها بأمر الله فذكر الله ومن بعده على هذا الترتيب، قرأ أبو عمرو وحفص ميكال بغير همز ولا ياء بين الألف واللام وقرأ نافع بهمزة بعد الألف ولا ياء بعد الهمزة والباقون بهمزة بعد الألف وياء وهم على مراتبهم في المدّ. ونزل في ابن صوريا لما «قال للنبيّ ﷺ ما جئتنا بشيء نعرفه وما أنزل عليك من آية أي زائدة فنتبعك».
﴿ولقد أنزلنا إليك﴾ يا محمد ﴿آيات بينات﴾ واضحات مفصلات بالحلال والحرام والحدود والأحكام ﴿وما يكفر بها إلا الفاسقون﴾ أي: المتمرّدون من الكفرة والفسق إذا استعمل في نوع من المعاصي دل على أعظميته كأنه متجاوز عن حدّه.
﴿أو كلما عاهدوا عهداً﴾ الهمزة للإنكار والواو للعطف على محذوف تقديره أكفروا بالآيات وكلما عاهدوا الله عهداً على الإيمان بالنبيّ أو إن خرج النبيّ أن لا يعاونوا عليه المشركين وقوله تعالى ﴿نبذه﴾ أي: طرحه ﴿فريق منهم﴾ أي: اليهود بنقضه جواب كلما وهو محل الاستفهام الانكاري وإنما قال فريق؛ لأنّ بعضهم لم ينقض وقوله تعالى: ﴿بل﴾ للانتقال ﴿أكثرهم لا يؤمنون﴾ ردّ لِما يتوهم أنّ الفريق هم الأقلون.
وقوله تعالى:
(١/١٨١)
---