﴿سلام عليكم﴾، أي: فأضمر القول هنا لدلالة الكلام عليه ﴿بما صبرتم﴾ على أمر الله، والباء للسببية، أي: بسبب صبركم، أو البدلية، أي: بدل ما احتملتم من مشاق الصبر ومتاعبه. فإن قيل: بم يتعلق قوله ﴿بما صبرتم﴾ قال الزمخشري: بمحذوف تقديره: هذا بما صبرتم، وقال البيضاوي: متعلق بعليكم أو بمحذوف لا بسلام، فإن الخبر فاصل مع أنّ الزمخشري قال ويجوز أن يتعلق بسلام، أي: نسلم عليكم ونكرمكم بصبركم، وهذا أظهر وردّ الأول بأن الممنوع منه إنما هو المصدر المؤوّل بحرف مصدري، وفعل والمصدر هنا ليس كذلك.
ولما تم ذلك تسبب عنه قوله تعالى: ﴿فنعم عقبى الدار﴾ وهي المسكن في قرار المهيأ بالأبنية التي يحتاج إليها، والمرافق التي ينتفع بها، والعقبى الإنتهاء الذي يؤدي إليه الابتداء من خير أو شر، والمخصوص بالمدح محذوف، أي: عقباكم. ولما ذكر تعالى صفات السعداء ومايترتب عليها من الأحوال الشريفة العالية أتبعها بذكر أحوال الأشقياء، وذكر مايترتب عليها من الأحوال المخزية المكربة، وأتبع الوعد بالوعيد والثواب بالعقاب؛ ليكون البيان كاملاً فقال تعالى:
(٣/٣٧٦)
---