وقيل: المراد الكفار من أهل مكة والألف واللام للمعهود السابق ويدل لهذا قول ابن عباس: أراد بالقارعة السرايا التي كان رسول الله ﷺ يبعثها إليهم ﴿أو تحل﴾، أي: تنزل نزولاً ثابتاً تلك القارعة ﴿قريباً من دارهم﴾، أي: فتوهن أمرهم، وقيل: معناه أو تحل أنت يا محمد بجيشك قريباً من دارهم مكة كما حل بالحديبية ﴿حتى يأتي وعد الله﴾، أي: بالنصر وظهور رسول الله ﷺ ودينه بفتح مكة، أو بالنصر على جميع الكفرة في زمن عيسى عليه السلام فينقطع ذلك؛ لأنه لا يبقى على الأرض كافر.
وقيل: أراد بوعد الله يوم القيامة؛ لأنّ الله يجمعهم فيه فيجازيهم بأعمالهم ﴿إنّ الله لا يخلف الميعاد﴾ لامتناع الكذب في كلامه تعالى. ولما كان الكفار يسألون هذه الآيات منه ﷺ على سبيل الاستهزاء والسخرية، وكان ذلك يشق عليه ويتأذى من تلك الكلمات أنزل الله تعالى تسلية له وتصبيراً له على سفاهة قومه:
﴿ولقد استهزئ برسل من قبلك﴾ كما استهزئ بك ﴿فأمليت للذين كفروا، أي: أطلت المدّة بتأخير العقوبة ثم أخذتهم﴾ بالعقوبة ﴿فكيف كان عقاب﴾، أي: هو واقع موقعه، فكذلك أفعل بمن استهزأ بك، والإملاء الإمهال بأن يترك مدّة من الزمان في راحة وأمن كالبهيمة يملي لها في المرعى، وهذا استفهام معناه التعجب، وفي ضمنه وعيد شديد لهم، وجواب عن اقتراحهم الآيات على رسول الله ﷺ على سبيل الاستهزاء، ثم إنه تعالى أورد على المشركين ما يجري مجرى الحجاج، وما يكون توبيخاً لهم وتعجيباً من عقولهم فقال تعالى:
(٣/٣٨٥)
---