وقوله تعالى: ﴿ببابل﴾ ظرف أو حال من الملكين أو الضمير في أنزل وهي بلد في سواد العراق وقوله تعالى: ﴿هاروت وماروت﴾ بدل أو عطف بيان للملكين ومنع صرفهما للعلمية والعجمة ومن جعل ما فيما أنزل نافية أبدل هاروت وماروت من الشياطين بدل البعض وما بينهما اعتراض ﴿وما يعلمان﴾ أي: الملكان ﴿من أحد﴾ أي: أحداً ومن صلة ﴿حتى﴾ ينصحاه و﴿يقولا﴾ له ﴿إنما نحن فتنة﴾ أي: ابتلاء من الله تعالى للناس لنمتحنهم بتعليمه وأصل الفتنة الاختبار والامتحان من قولهم: فتنت الذهب والفضة إذا أذبتهما بالنار لتميز الجيد من الرديء، وإنما وحد الفتنة لأنها مصدر والمصادر لا تثنى ولا تجمع ﴿فلا تكفر﴾ بتعليمه أي: فلا تتعلمه معتقداً حله فتكفر على ما تقدّم، فإن أبى إلا التعليم علماه قيل: إنهما يقولان إنما نحن فتنة فلا تكفر سبع مرّات، قال عطاء والسديّ فإن أبى إلا التعليم؟ قالا له: ائت هذا الرماد فبل عليه فيخرج منه نور ساطع في السماء فتلك المعرفة وينزل شيء أسود شبه الدخان حتى يدخل مسامعه وذلك غضب الله تعالى وعلى القول بأنهما رجلان فلا يعلمانه حتى يقولا له: إنا مفتونان فلا تكن مثلنا ﴿فيتعلمون منهما﴾ الضمير لما دل عليه من أحد أي: فيتعلم الناس من الملكين ﴿ما﴾ أي: سحراً ﴿يفرّقون به بين المرء وزوجه﴾ بأن يبغض كلاً منهما في الآخر بسبب حيلة أو تمويه كالنفث في العقد ونحو ذلك مما يحدث الله تعالى عنده الفراق ابتلاءً منه لا أنّ السحر له أثر في نفسه بدليل قوله تعالى: ﴿وما هم﴾ أي: السحرة ﴿بضارّين به﴾ أي: السحر ﴿من أحد﴾ أي: أحداً ومن صلة ﴿إلا بأذن الله﴾ أي: إرادته؛ لأنّ الأسباب غير مؤثرة بالذات بل بإرادته تعالى: ﴿ويتعلّمون ما يضرّهم﴾ في الآخرة ﴿ولا ينفعهم﴾ وهو السحر؛ لأنهم يقصدون به العمل أو لأنّ العلم يجرّ إلى العمل غالباً ﴿ولقد﴾ اللام لام القسم ﴿علموا﴾ أي: اليهود ﴿لمن﴾ اللام لام الابتداء علقت علموا عن العمل ومن موصولة ﴿اشتراه﴾ أي: استبدل ما


الصفحة التالية
Icon