﴿ادخلوها﴾ أي: يقال لهم ذلك ﴿بسلام﴾ أي: سالمين من كل آفة مرحباً بكم ﴿آمنين﴾ من ذلك دائماً. ولما كان الأنس لا يكمل إلا بالجنس مع كمال المودة وصفاء القلوب عن الكدر. قال تعالى: ﴿ونزعنا﴾ أي: بما لنا من العظمة والقدرة ﴿ما في صدورهم من غلّ﴾ أي: حقد كامن في القلب ويطلق على الشحناء والعداوة والحسد والبغضاء فكل هذه الخصال المذمومة داخلة في الغل لأنها كامنة في القلب. يروى أن المؤمنين يحبسون على باب الجنة فيقتص بعضهم من بعض ثم يؤمر بهم إلى الجنة وقد نقيت قلوبهم من الغل والغش والحقد والحسد حالة كونهم ﴿إخواناً﴾ أي: متصافين حالة كونهم ﴿على سرر﴾ جمع سرير وهو مجلس رفيع موطأ للسرور وهو مأخوذ منه لأنه مجلس سرور. وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: يريد على سرر من ذهب مكالة بالزبرجد والدرّ والياقوت والسرير مثل ما بين صنعاء إلى الجابية ﴿متقابلين﴾ لا يرى بعضهم قفا بعض فإن التقابل التواجه وهو نقيض التدابر ولا شك أنّ المواجهة أشرف الأحوال. وعند مجاهد رضي الله تعالى عنه تدور بهم الأسرة حيثما داروا فيكونون في جميع أحوالهم متقابلين. تنبيه: ليس المراد الإخوة في النسب بل المراد الإخوة في المودّة والمخالطة كما قال تعالى: ﴿الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدوّ إلا المتقين﴾ (الزخرف، ٦٧)
. وعن الجنيد أنه قال: ما أحلى الاجتماع مع الأصحاب وما أمرّ الاجتماع مع الأضداد. وقوله تعالى:
﴿لا يمسهم فيها نصب﴾ أي: إعياء وتعب وجهد ومشقة استئناف أو حال بعد حال أو حال من الضمير في متقابلين وقوله تعالى: ﴿وما هم منها بمخرجين﴾ المراد به كونه خلوداً بلا زوال وبقاء بلا فناء وكمالاً بلا نقصان وفوزاً بلا حرمان. ولما ذكر تعالى أحوال المتقين وأحوال غيرهم أتبع ذلك بقوله تعالى:
(٣/٤٨٨)
---