﴿أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى﴾ أي: سأله قومه ﴿من قبل﴾ أي: من قولهم له ﴿أرنا الله جهرة﴾ (النساء، ١٥٣) وقيل قالوا له لن نؤمن لك حتى تأتي بالله والملائكة قبيلاً أو ائتنا بكتاب نقرؤه تنزله من السماء علينا وفجر لنا أنهاراً حتى نتبعك، وقال عبد الله بن أمية: لن نؤمن لك حتى تأتي بكتاب فيه من الله ربّ العالمين إلى ابن أمية، أعلم أني أرسلت محمداً إلى الناس. وأم إمّا معادلة للهمزة في ألم تعلم أي ألم تعلموا أنه مالك الأمور قادر على الأشياء كلها يأمر وينهى كما أراد وتقترحون بالسؤال كما اقترحت اليهود على موسى عليه الصلاة والسلام، وإمّا منقطعة والمراد أن يوصيهم بالثقة وترك الاقتراح عليه ﴿ومن يتبدّل الكفر بالإيمان﴾ أي: يأخذه بدله بترك النظر في الآيات البينات واقتراح غيرها ﴿فقد ضلّ سواء السبيل﴾ أي: أخطأ الطريق الحق والسواء في الأصل الوسط. وقرأ قالون وابن كثير وعاصم بإظهار قد عند الضاد حيث جاء، وأدغمها الباقون ونزل في نفر من اليهود قالوا لحذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر بعد وقعة أحد: لو كنتم على الحق ما هزمتم فارجعا إلى ديننا فنحن أهدى سبيلاً منكم فقال لهم عمار: كيف نقض العهد فيكم؟ قالوا: شديد قال: فإني قد عاهدت الله أن لا أكفر بمحمد ﷺ ما عشت، فقالت اليهود: أمّا هذا فقد صبا، وقال حذيفة: وأمّا أنا فقد رضيت بالله رباً وبمحمد ﷺ نبياً وبالاسلام ديناً وبالقرآن إماماً وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين إخواناً ثم أتيا رسول الله ﷺ فأخبراه بذلك فقال: أصبتما الخير وأفلحتما».
(١/١٩٥)
---


الصفحة التالية
Icon