الصفة الثانية قوله تعالى: ﴿أموات﴾ أي: جمادات لا روح لها ﴿غير أحياء﴾ إذ الإله الذي يستحق أن يعبد هو الحي الذي لا يموت. فإن قيل: علم من قوله: أموات أنها غير أحياء فما الفائدة في ذكره؟ أجيب: بأنّ من الأموات ما يعقب موته حياة كالنطف التي ينشئها الله تعالى حيواناً وأجساد الحيوانات التي تبعث بعد موتها وأمّا الحجارة فأموات لا يعقب موتها حياة وذلك أعرق في موتها. وقيل: ذكر للتأكيد لأنّ الكلام مع الكفار الذي يعبدون الأوثان وهم في نهاية الجهالة والضلالة ومن تكلم مع الجاهل الغبي فقد يعبر عن المعنى الواحد بالعبارات الكثيرة وغرضه الإعلام بكون المخاطب في غاية الغباوة في أنه لا يفهم المعنى المقصود بالعبارة الواحدة. الصفة الثالثة قوله تعالى: ﴿وما يشعرون﴾ أي: الأصنام ﴿أيان﴾ أي: وقت ﴿يبعثون﴾ أي: وما تعلم هؤلاء الآلهة متي تبعث الأحياء تهكماً بحالها لأنّ شعور الجماد محال فكيف بشعور ما لا يعلمه حيّ إلا الحيّ القيوم سبحانه وتعالى. وقيل: الضمير راجع للأصنام. قال ابن عباس: إنّ الله تعالى يبعث الأصنام لها أرواح ومعها شياطينها فيؤمر بالكل إلى النار، وقيل: المراد بقوله تعالى: ﴿والذين تدعون من دون الله﴾ الملائكة وكان ناس من الكفار يعبدونهم فقال الله تعالى: إنهم أموات، أي: لا بد لهم من الموت غير أحياء، أي: باقية حياتهم وما يشعرون، أي: لا علم لهم بوقت بعثهم. ولما زيف سبحانه وتعالى طريقة عبدة الأصنام وبيّن فساد مذهبهم قال تعالى:
(٤/٣٤)
---


الصفحة التالية
Icon