﴿وقضينا﴾ أي: أوحينا ﴿إلى بني إسرائيل﴾ أي: إلى بني عبدنا يعقوب عليه السلام الذي كان أطوع أهل زمانه وحياً مقطوعاً مثبوتاً ﴿في الكتاب﴾ أي: التوراة التي قد أوصلناها إليهم على لسان موسى عليه السلام وقيل: المراد بالكتاب اللوح المحفوظ، وقوله تعالى: ﴿لتفسدنّ﴾ جواب قسم محذوف ويجوز أن يجري القضاء المثبوت مجرى القسم فيكون لتفسدنّ جواباً له كأنه قال: وأقسمنا لتفسدنّ ﴿في الأرض﴾ أي: أرض الشام قاله السيوطي. وقال الرازي: أرض مصر ويوافق الأوّل قول البقاعي أي: المقدّسة التي كأنها لشرفها هي الأرض. ﴿مرّتين﴾ أي: إفسادتين. قال في «الكشاف»: أولاهما قتل زكريا عليه السلام وحبس أرميا حين أنذرهم بسخط الله تعالى، والأخرى قتل يحيى بن زكريا وقصد قتل عيسى بن مريم. وقال البيضاوي: الأولى مخالفة أحكام التوراة وقتل شعيا أو قتل أرميا. وثانيتهما قتل زكريا ويحيى وقصد قتل عيسى عليهم السلام. ﴿ولتعلنّ﴾ أي: بما صرتم إليه من البطر لنسيان المنعم ﴿علوّاً كبيراً﴾ بالظلم والتمرّد لأنه يقال لكل متجبر قد علا وتعظم ﴿فإذا جاء وعد أولاهما﴾ أي: أولى مرّتي الفساد وهو الوقت الذي جدّدنا لهم الانتقام فيه ﴿بعثنا عليكم عباداً لنا﴾ أي: لا يدان لكم بهم كما قال تعالى: ﴿أولي بأس شديد﴾ أي: أصحاب قوّة في الحرب. واختلف فيهم فقال في «الكشاف»: سنحاريب وجنوده، وقيل بختنصر. وقال ابن عباس: جالوت قتلوا علماءهم وأحرقوا التوراة وخرّبوا المساجد وسبوا منهم سبعين ألفاً. وقال البيضاوي: عباداً لنا بختنصر عامل لهراسف على بابل وجنوده، وقيل: جالوت الحزري وهو بحاء فزاي: مفتوحتين فراء نسبة إلى الحزر وهو ضيق العين وصغرها، وهو الذي قتله داود أو جيل من الناس. وذكر الرازي في ذلك قولين: الأوّل: أنّ الله تعالى سلط عليهم بختنصر فقتل منهم أربعين ألفاً ممن يقرأ التوراة وذهب بالبقية إلى أرض نفسه، فبقوا هناك في الذل. الثاني: أنّ الله تعالى ألقى الرعب من بني إسرائيل


الصفحة التالية
Icon