. فإن قيل: ما الفائدة في وصف ذلك العلو بالكبير؟ أجيب: بأنّ المنافاة بين ذاته وصفاته سبحانه وبين ثبوت الصاحبة والولد والشركاء والأضداد والأنداد منافاة بلغت في القوّة والكمال إلى حيث لا تعقل الزيادة عليها لأنّ المنافاة بين الواجب لذاته وبين الممكن لذاته وبين القديم والمحدث وبين الغني والمحتاج منافاة لا تعقل الزيادة عليها فلهذا السبب وصف الله تعالى ذلك العلو بالكبير. وقرأ حمزة والكسائي بالتاء على الخطاب والباقون بالياء على الغيبة، ثم استأنف تعالى بيان عظمة هذا التنزيه مقروناً بالوصف بالكمال فقال:
﴿تسبح﴾ أي: توقع التنزيه الأعظم ﴿له﴾ أي: الإله الأعظم الذي تقدّم وصفه بالجلال والإكرام خاصة ﴿السموات السبع والأرض﴾ أي: السبع ﴿ومن فيهنّ﴾ أي: من ذوي العقول ﴿وإن﴾ أي: وما وأغرق في النفي فقال: ﴿من شيء﴾ أي: ذي عقل أو غيره ﴿إلا يسبح بحمده﴾ أي: يقول سبحان الله العظيم وبحمده، أو يقول سبحان الله وبحمده. وقال ابن عباس: وإنّ من شيء حيّ إلا يسبح بحمده. وقال قتادة: يعني الحيوانات والناميات. وقال عكرمة: الشجرة تسبح والإسطوانة تسبح وعن المقداد بن عدي: التراب يسبح ما لم يبتل فإذا ابتل ترك التسبيح والورقة تسبح ما دامت على الشجرة فإذا سقطت تركت التسبيح والماء يسبح ما دام جارياً فإذا ركد ترك التسبيح والثوب يسبح ما دام جديداً فإذا وسخ ترك التسبيح. وقال السيوطي: في جواب سؤال عن ذلك:
*قد خصصت آية الأسرى بمتصف
** وصف الحياة كرطب الزرع والشجر
*فيابس مات لا تسبيح منه كذا
** وما زال عن موضع كالقطع للحجر
(٤/٢٢٦)
---