﴿وجعلنا﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿على قلوبهم أكنة﴾ أي: أغطية كراهية ﴿أن يفقهوه﴾ أي: يفهموه أي: يفهموا القرآن حق فهمه ﴿وفي آذانهم وقراً﴾ أي: شيئاً ثقيلاً يمنع سماعهم، وعن أسماء كان رسول الله ﷺ جالساً ومعه أبو بكر إذ أقبلت امرأة أبي لهب ومعها فهر تريد الرسول ﷺ وهي تقول: مذمما أبينا ودينه قلينا وأمره عصينا. فقال أبو بكر: يا رسول الله معها فهر أخشاها عليك، فتلا رسول الله ﷺ هذه الآية فجاءت وما رأت رسول الله ﷺ وقالت: إني رأيت قريشاً قد علمت أني ابنة سيدها وإنّ صاحبك هجاني فقال أبو بكر: لا ورب الكعبة ورب هذا البيت ما هجاك. وروى ابن عباس أنّ أبا سفيان والنضر بن الحارث وأبا جهل وغيرهم كانوا يجالسون النبيّ ﷺ ويسمعون حديثه فقال النضر يوماً: ما أرى ما يقول محمد غير أني أرى شفتيه يتحرّكان بشيء. وقال أبو سفيان: إني لا أرى بعض ما يقوله إلا حقاً. وقال أبو جهل: هو مجنون. وقال أبو لهب: هو كاهن. وقال حويطب بن عبد العزى: هو شاعر، فنزلت هذه الآية. وكان رسول الله ﷺ إذا أراد تلاوة القرآن قرأ قبلها ثلاث آيات وهي في سورة الإسراء: ﴿وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقراً﴾ (الإسراء، ٤٦)
. وفي سورة النحل ﴿أولئك الذين طبع الله على قلوبهم﴾ (النحل، ١٠٨)
وفي حم الجاثية ﴿أفرأيت من أتخذ إلهه هواه﴾ (الجاثية، ٢٣)
(٤/٢٢٩)
---
إلى آخر الآية، فكان الله تعالى يحجبه ببركة هذه الآيات عن عيون المشركين ﴿وإذا ذكرت ربك﴾ أي: المحسن إليك وإليهم ﴿في القرآن وحده﴾ أي: مع الإعراض عن آلهتهم كأن قلت وأنت تتلو القرآن لا إله إلا الله.


الصفحة التالية
Icon