تنبيه: في نصب وحده وجهان أحدهما أنه منصوب على الحال وإن كان معرفة لفظاً في قوّة النكرة إذ هو في معنى منفرداً. والثاني: أنه منصوب على الظرف. ﴿ولّوا على أدبارهم نفوراً﴾ أي: هرباً من استماع التوحيد. تنبيه: في نفوراً وجهان أحدهما مصدر من غير اللفظ مؤكد لأنّ التولي والنفور بمعنى والثاني أنه حال من فاعل ولوا وهو حينئذٍ جمع نافر كقاعد وقعود وشاهد وشهود والضمير في ولوا يعود إلى الكفار وقيل يعود إلى الشيطان وإن لم يجر لهم ذكر. قال المفسرون: إنّ القوم كانوا عند استماع القرآن على أقسام منهم من كان يلهو عند استماعه. روي أنه عليه الصلاة والسلام كان كلما قرأ القرآن قام عن يمينه ويساره إخوان من ولد قصيّ يصفقون ويصفرون ويخلطون عليه بالأشعار، ومنهم من كان إذا سمع من القرآن ما فيه ذكر الله تعالى بقوا مبهوتين لا يفهمون منه شيئاً ومنهم من إذا سمع آيات فيها ذكر الله تعالى وذم المشركين ولوا نفوراً وتركوا ذلك المجلس. ولما كانوا ربما ادّعوا السمع والفهم فشككوا بعض من لم يرسخ إيمانه أتبعه تعالى بقوله تعالى:
(٤/٢٣٠)
---
﴿نحن أعلم﴾ أي: من كل عالم ﴿بما يستمعون﴾ أي: يبالغون في الإصغاء والميل لقصد السمع ﴿به﴾ من الآذان والقلوب أو بسببه ولأجله من الهزء بك وبالقرآن ﴿إذ يستمعون﴾ أي: يصغون بجهدهم ﴿إليك﴾ أي: إلى قراءتك ﴿وإذ﴾ أي: حين ﴿هم﴾ ذو ﴿نجوى﴾ أي: يتناجون بأن يرفع كل منهم بصره إلى صاحبه بعد إعراضهم عن الاستماع ثم ذكر تعالى ظرف النجوى بقوله تعالى: ﴿إذ﴾ وهو بدل من إذ قبله ﴿يقول الظالمون﴾ وقولهم ﴿إن﴾ أي: ما ﴿تتبعون إلا رجلاً مسحوراً﴾ أي: مخدوعاً مغلوباً على عقله. وروي أنّ رسول الله ﷺ أمر علياً أن يتخذ طعاماً ويدعو إليه أشراف قريش من المشركين ففعل ذلك ودخل عليهم رسول الله ﷺ وقرأ عليهم القرآن ودعاهم إلى التوحيد وقال: